أنك إذا قرأته طردا كان من أسمائه تعالى، وإن قلبته كان من أسمائه تعالى. انتهت.
وقوله: ﴿الْعالَمِينَ﴾: اسم جمع لعالم بفتح اللام، لا جمع له؛ لعدم العلمية، أو الوصفية فيه، وقيل: جمع له شاذ. قال في «الكشاف»: ساغ ذلك لوجود معنى الوصفية فيه، وهي الدلالة على معنى العلم. وفي البيضاوي: والعالم:
اسم لما يعلم به، كالخاتم، والقالب، من العلامة؛ لأنّه علامة على صانعه. وهو كلّ (١) ما سوى الله تعالى من الجواهر، والأعراض، فإنّها لإمكانها وافتقارها إلى مؤثر واجب لذاته تدلّ على وجوده؛ لأنّها محدثة، وكلّ محدث له صانع، فالعالم له صانع. وإنّما جمعه؛ ليشمل جميع ما تحته من الأجناس المختلفة، وغلّب العقلاء منهم، فجمعه بالياء والنون، كسائر أوصافهم. اه.
فإن قلت (٢): لم جمع العالمين جمع قلّة، مع أنّ المقام مستدع للإتيان بجمع الكثرة، كالعوالم؟
قلت: تنبيها على أنهم، وإن كثروا فهم قليلون في جانب عظمته تعالى، وكبريائه.
فإن قلت: الجمع يقتضي اتفاق الأفراد في الحقيقة، وهي هنا مختلفة.
قلنا: بل هي متفقة من حيث إنّ كلّا منها علامة يعلم بها الخالق، والاختلاف إنما عرض بواسطة أسمائها. اه. كرخي.
وقيل (٣): اسم وضع لذوي العلم من الملائكة، والثقلين، وتناوله لغيره على سبيل الاستتباع. وقيل: عنى به الناس ههنا، فإنّ كلّ واحد منهم عالم من حيث، إنّه يشمل على نظائر ما في العالم الكبير من الجواهر والأعراض، يعلم بها الصانع، كما يعلم بما أبدعه في العالم، ولذلك سوّى بين النظر فيهما، حيث قال: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾.
وقد جرت (٤) عادتهم، على أن لا يطلقوا هذا اللفظ، إلّا على كلّ جماعة

(١) البيضاوي.
(٢) الفتوحات.
(٣) البيضاوي.
(٤) المراغي.


الصفحة التالية
Icon