جزءا منهم في بلاد الروم: النسطورية، والملكانية، والإسرائيليّة، كلّ من الثلاث أربع طوائف، ومصيرهم إلى النار جميعا. وجعل ستّة أجزاء منهم في المشرق: يأجوج ومأجوج، وترك خاقان، وترك حد خلخ، وترك خزر، وترك جرجير. وجعل ستّة أجزاء في المغرب: الزنج، والزّط، والحبشة، والنوبة، وبربر، وسائر كفار العرب، ومصيرهم إلى النار. وبقي من الإنس من أهل التوحيد جزء واحد، فجزأهم ثلاثا وسبعين فرقة: اثنتان وسبعون على خطر، وهم أهل البدع والضلالات، وفرقة ناجية وهم أهل السنة والجماعة، وحسابهم على الله تعالى، يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء.
وفي الحديث: «إنّ اليهود افترقت إحدى وسبعين فرقة، والنصارى اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين
فرقة، كلّهم في النار إلّا فرقة واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: «هم من على ما أنا عليه وأصحابي»
.
يعني: ما أنا عليه وأصحابي من الاعتقاد، والفعل، والقول، فهو حقّ، وطريق موصل إلى الجنة، والفوز، والفلاح، وما عداه باطل. وطريق النار: إن كانوا إباحيين فهم خلود، وإلّا فلا. انتهى.
٣ - ﴿الرَّحْمنِ﴾؛ أي: المنعم بما لا يتصوّر صدور تلك النعمة من العباد.
﴿الرَّحِيمِ﴾؛ أي: المنعم بما يتصوّر صدور تلك النعمة من العباد، فلا يقال لغير الله: رحمن، ويقال لغيره من العباد: رحيم، وقد مرّ ذكرهما في البسملة، وهو دليل على أنّ البسملة ليست من (الفاتحة)، إذ لو كانت منها لما أعادهما؛ لخلّو الإعادة من الإفادة. اه. «نسفي». وقيل: كرّرهما (١) مع بقيّة الأوصاف؛ تعليلا لاستحقاقه الحمد. والمعنى عليه: وإنّما استحقّ الحمد من عباده؛ لكونه ربّا موجدا لهم، منعما عليهم بالنعم كلّها ظاهرها وباطنها، عاجلها وآجلها، جليلها وحقيرها، مالكا لأمورهم يوم الثواب والعقاب. وقيل: كرّرهما (٢)؛ ليعلم أنّ العناية بالرحمة أكثر من غيرها من الأمور، وأنّ الحاجة إليه أكثر، فنبّه سبحانه

(١) عمدة التفاسير.
(٢) الخازن.


الصفحة التالية
Icon