والضالّون: هم الذين لم يعرفوا الحقّ، أو لم يعرفوه على الوجه الصحيح، وهؤلاء هم الذين لم تبلغهم رسالة، أو بلغتهم على وجه لم يستبن لهم فيه الحقّ، فهم تائهون في عماية، لا يهتدون معها إلى مطلوب تعترضهم الشّبهات التي تلبّس الحق بالباطل والصواب بالخطأ، إن لم يضلّوا في شؤون الدنيا، فقد ضلّوا في شؤون الحياة الآخرة، فمن حرم هدى الدين ظهر له أثر الاضطراب في أحواله المعيشيّة، وحلّت به الرزايا، والذين جاؤوا على فترة من الرسل لا يكلّفون بشريعة، ولا يعذّبون في الآخرة؛ لقوله تعالى: ﴿وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾.
وهذا رأي جمهرة العلماء (١)، وترى فئة منهم: أنّ العقل وحده كاف في التكليف، فمتى أوتيه الإنسان وجب عليه النظر في ملكوت السموات والأرض، والتدبّر، والتفكّر في خالق الكون، وما يجب له من عبادة وإجلال بقدر ما يهديه عقله، ويصل إليه اجتهاده، وبذلك ينجو من عذاب النار يوم القيامة، فإن لم يفعل ذلك كان من الهالكين.
تنبيه: آخر (الفاتحة) (٢): ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾، وأما لفظ آمين: فليس منها ولا من القرآن مطلقا، بل هو سنّة يسنّ لقارىء (الفاتحة) في الصلاة، وغيرها أن يختم به، وهو اسم فعل دعاء بمعنى استجب وتقبّل يا الله هذا الدعاء! وهو قوله: ﴿اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ إلى آخرها. وهذا الاسم مبنّي؛ لشبهه بالحرف شبها استعماليّا على الفتح؛ فرارا من التقاء الساكنين وللخفّة، كما في أين وكيف.
وفيه لغتان: المد على وزن فاعيل، كياسين، أو قابيل وهابيل، فيكون اسما أعجميا، والقصر على وزن يمين، ومن المدّ قول الشاعر:

يا رب لا تسلبنّي حبّها أبدا ويرحم الله عبدا قال آمينا
(١) المراغي.
(٢) الفتوحات.


الصفحة التالية
Icon