اختلف العلماء في وجوب قراءة (الفاتحة): فذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، وجمهور العلماء إلى وجوب (الفاتحة)، فإنّها متعيّنة في الصلاة، ولا تجزىء إلّا بها، واحتجّوا بما روى عبادة بن الصامت: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب»، أخرجاه في الصحيحين. وبحديث أبي هريرة: «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج ثلاثا غير تمام» الحديث وقد تقدم في بحث فضل (سورة الفاتحة). وذهب أبو حنيفة: إلى أنّ (الفاتحة) لا تتعيّن على المصلّي، بل الواجب عليه قراءة آية من القرآن طويلة، أو ثلاث آيات قصار، واحتج بقوله تعالى: ﴿فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾، وبقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث الأعرابيّ المسيء صلاته: «ثمّ اقرأ بما تيّسر معك من القرآن»، أخرجاه في الصحيحين.
دليل الجمهور: ما تقدم من الأحاديث، فإن قيل: المراد من الحديث: لا صلاة كاملة. قلت: هذا خلاف ظاهر لفظ الحديث، ومما يدل عليه حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تجزىء صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب»، أخرجه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح. وعنه: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمره أن يخرج فينادي «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب، فما زاد» أخرجه أحمد، وأبو داود. وأجيب عن حديث الأعرابيّ: بأنه محمول على (الفاتحة)، فإنّها متيسرة، أو على ما زاد على (الفاتحة)، أو على العاجز عن قراءة (الفاتحة)، والله أعلم.
الإعراب
﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢)﴾.
﴿الْحَمْدُ﴾ مبتدأ مرفوع بالابتداء. ﴿لِلَّهِ﴾ جار ومجرور، متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ، تقديره: مستحقّ لله، والجملة الإسمية مستأنفة استئنافا نحويّا، أو في محل النصب مقول لقول محذوف تقديره: قولوا: الحمد لله ربّ العالمين.
﴿رَبِّ﴾ صفة أولى للجلالة، مجرور بالكسرة الظاهرة، وهو مضاف. ﴿الْعالَمِينَ﴾ مضاف إليه مجرور بالياء؛ لأنّه ملحق بجمع المذكر السالم.


الصفحة التالية
Icon