أبنية الفعل المزيد، ووضعنا لها جدولا في كتابنا «مناهل الرجال على لاميّة الأفعال» في الصرف، فراجعه.
﴿اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ ووزن اهد إفع، حذفت لامه، وهي الياء حملا للأمر على المضارع المجزوم، والمجزوم تحذف لامه إذا كانت حرف علة.
والصراط، كالطريق والسبيل في التذكير والتأنيث، كما مرّ، يجمع على صرط، ككتاب وكتب. والمستقيم: اسم فاعل من استقام السداسيّ الذي من باب استفعل بمعنى: الفعل المجرد من الزوائد، فهو هنا بمعنى: قام إذا استوى وانتصب، وأصله: مستقوم بوزن مستفعل، استثقلت الكسرة على الواو، ثمّ نقلت إلى الساكن قبلها، فقلبت الواو ياء؛ لسكونها وانكسار ما قبلها، فصار مستقيم.
﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ وهمزة أنعم؛ لجعل الشيء صاحب ما صيغ منه؛ أي:
جعلتهم أصحاب نعمة، وهذا أحد المعاني التي لأفعل، وهي أربعة وعشرون معنى، وهذا أحدها، والتعدية، والكثرة، والصيرورة، والإعانة، والتعريض، والسلب إلى آخر ما في مطوّلات الصرف فراجعها. والتاء المتصلة بأنعمت: ضمير المخاطب المنزه عن الذكورة والأنوثة الباري سبحانه، وهي حرف خطاب في أنت، والضمير هناك أن، فهو مركب من اسم وحرف.
﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ جمع ضالّ، اسم فاعل من ضلّ الثلاثي، فأصله:
الضّاللين، سكّنت اللام الأولى؛ لثقل توالي كسرتين فالتقى ساكنان، فأدغمت اللام في اللام، فصار ضالّين، ووزن ضالّين فاعلين، وقد تقدم لك أنّ أيّوب السختياني يقرأ وَلَا الضَّالِّينَ؛ فرارا من التقاء الساكنين، قال أبو زيد: سمعت عمرو بن عبيد يقرأ ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ﴾، فظننته قد لحن، حتى سمعت من العرب دأبّة، وشأبّة.
البلاغة
وقد تضمّنت هذه السورة الكريمة ضروبا من البلاغة، وأنواعا من الفصاحة، والبيان، والبديع:


الصفحة التالية
Icon