أي: ظاهرة على وجه الماء ﴿نَبْلُوهُمْ﴾ نختبرهم ﴿أُمَّةٌ مِنْهُمْ﴾؛ أي: جماعة منهم ﴿مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ﴾ والمعذرة بوزن المغفرة، اسم مصدر لعذر يعذر عذرا، من باب ضرب، وهي بمعنى العذر، وهو التنصل من الذنب، فمعنى معذرة إلى ربكم، قياما وإظهارا بعذر أنفسنا إلى الله تعالى ﴿فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ﴾؛ أي: تركوه ترك الناس، وأعرضوا عنه إعراضا تاما ﴿عَنِ السُّوءِ﴾ والسوء العمل الذي تسوء عاقبته ﴿بَئِيسٍ﴾ والبئيس الشديد، من البأس وهو الشدة، أو من البؤس وهو المكروه، أو الفقر، فهو فعيل من بؤس يبؤس بأسا وبؤسا إذا اشتد. ﴿فَلَمَّا عَتَوْا﴾ العتو الإباء والعصيان ﴿خاسِئِينَ﴾؛ أي: أذلاء صاغرين.
﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ﴾ قال سيبويه: أذن أعلم، وأذن نادى وصاح للإعلام ومنه ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ﴾ ومثله تأذن ﴿لَيَبْعَثَنَّ﴾ ليسلطن ﴿يَسُومُهُمْ﴾ يذيقهم ويوليهم ﴿وَقَطَّعْناهُمْ﴾ فرقناهم ﴿أُمَمًا﴾؛ أي: جماعات ﴿دُونَ ذلِكَ﴾؛ أي: منحطون عنهم ﴿وَبَلَوْناهُمْ﴾ امتحانهم ﴿بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ﴾ الحسنات النعم، والسيئات النقم ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ﴾ والخلف بسكون اللام يستعمل في الأشرار، وبالتحريك في الأخيار يقال: خلف سوء بسكون اللام، وخلف صدق بفتحها اه «الخازن»، وفي «البيضاوي»: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ﴾؛ أي: بدل سوء، وهو مصدر نعت به، ولذلك يقع على الواحد والجمع، وقيل: هو جمع وهو شائع في البشر، والخلف بالفتح في الخير. انتهى. وفي «السمين» والخلف بفتح اللام وبإسكانها هل هما بمعنى واحد؛ أي: يطلق كل منهما على القرن الذي يخلف غيره، صالحا كان أو طالحا أو أن الساكن اللام في الطالح، ومفتوحها في الصالح خلاف مشهور بين اللغويين، قال الفراء: يقال للقرن خلف: يعني ساكنا، ولمن استخلفته خلف يعني متحرك اللام. اه ﴿عَرَضَ هذَا الْأَدْنى﴾ والعرض بالتحريك متاع الدنيا وحطامها، ﴿والْأَدْنى﴾: الشيء القريب الزوال، والمراد به هنا الدنيا. ﴿وَدَرَسُوا ما فِيهِ﴾؛ أي: قرؤوا فهم ذاكرون له ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ﴾؛ أي: يتمسكون به ويعملون.
وفي «المختار» أمسك بالشيء وتمسك واستمسك به، كله بمعنى اعتصم به وكذا مسك به تمسيكا. اه.