آياتنا صفة ليست خاصة به، بل هي صفة عامة قائمة بجميع القوم الذين كذبوا بآياتنا من اليهود والمشركين وغيرهم، بعد أن علموا بها وعرفوها فحرفوا، وبدلوا وكتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلّم، وكذبوا بها، فعم (١) هذا المثل جميع من كذب بآيات الله تعالى وجحدها، فوجه التمثيل بينهم وبين الكلب اللاهث: أنّهم إذا جاءتهم الرسل ليهدوهم.. لم يهتدوا، وإن تركوهم لم يهتدوا أيضا، بل هم ضلال في كل حال.
أي (٢): ذلك المثل البالغ في الغرابة، مثل هؤلاء القوم الذين جحدوا بآياتنا واستكبروا عنها، جهلا بها وتقليدا للآباء والأجداد، فهم قد ظنوا أن إيمانهم بها يسلبهم العزة، ويحط من أقدارهم، ويحول بينهم وبين ما يستمتعون به من اللذات، فكان ذلك حجابا حائلا بينهم وبين النظر فيها نظر تبصر واستدلال، وإن كانوا نظروا إليها من تلك الناحية التي تروق لهم - وهي حرمانهم من التمتع بالحظوظ والشهوات - إلى ما فيها من الاعتراف بضلال السلف من الآباء والأجداد، فما أشبه حالهم، بحال من أوتي الآيات فانسلخ منها، وذلك ليس بعيب فيها، بل العيب عليه باتباعه هواه الذي حرمه من الانتفاع بها، قال بعضهم:
قد تنكر العين ضوء الشّمس من رمد | وينكر الفم طعم الماء من سقم |
قال أبو السعود (٣): وجملة الترجي في محل نصب على أنها حال من ضمير
(٢) المراغي.
(٣) أبو السعود.