غيره، ومنه إرساء السفينة وإيقافها بالمرساة التي تلقى في البحر، فتمنعها من الجريان كما قال تعالى: ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها﴾ وقال أبو البقاء: ﴿وَمُرْساها﴾: مفعل من أرسى، وهو مصدر مثل المدخل والمخرج بمعنى الإدخال والإخراج؛ أي: متى أرساها. اه وفي «المختار»: رسا الشيء ثبت، وبابه عدا، ورست السفينة وقفت عن الجري، وبابه عدا وسما. اه.
﴿لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ﴾ يقال جلى فلان الأمر تجلية إذا أظهره أتم الإظهار، ﴿لِوَقْتِها﴾؛ أي: في وقتها كما يقال: كتبت هذا لغرة رمضان؛ أي: في غرته ﴿بَغْتَةً﴾؛ أي: فجأة من غير توقع ولا انتظار ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ من قولهم: أحفى في السؤال، إذا ألحف، وهو حفي عن الأمر بليغ في السؤال عنه، واستحفيته عن كذا استخبرته على وجه المبالغة، وتحفى بك فلان إذا تلطف بك وبالغ في إكرامك ﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾: ﴿الْغَيْبَ﴾ قسمان: حقيقي لا يعلمه إلا الله تعالى، وإضافي يعلمه بعض الخلق دون بعض ﴿لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾ والخير ما يرغب الناس فيه من المنافع المادية والمعنوية كالمال والعلم ﴿وَالسُّوءَ﴾ ما يرغبون عنه مما يسؤهم ويضرهم ﴿إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾ والإنذار تبليغ مقترن بتخويف من العقاب على الكفر والمعاصي، والتبشير تبليغ مقترن بترغيب في الثواب مع الإيمان والطاعة.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعا من الفصاحة والبلاغة والبيان والبديع:
فمنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: ﴿فَانْسَلَخَ مِنْها﴾؛ لأنه شبه الإعراض عن الآيات بانسلاخ نحو الحية من جلدها بجامع التجرد والتبري في كلّ.
ومنها: المبالغة في قوله: ﴿فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ﴾ حيث جعله قدوة وإماما ومتبوعا للشيطان على سبيل المبالغة، مع أنّه تابع للشيطان.
ومنها: التشبيه التمثيلي في قوله: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ﴾ حيث شبه حاله