على المصدر، وهو على حذف مضاف؛ أي: ذا شرك، ويمكن أن يكون أطلق الشرك على الشريك، كقولهم: زيد عدل، قال الزمخشري: أو أحدث لله إشراكا في الولد. انتهى، وقرأ الأخوان - حمزة والكسائي - وابن كثير وأبو عمرو: ﴿شُرَكاءَ﴾. على الجمع ويبعد توجيه الآية أنها في آدم وحواء على هذه القراءة، وتظهر باقي الأقوال عليهما، وفي مصحف أبي ﴿فلما آتاهما صالحا أشركا فيه﴾ وجملة قوله: ﴿فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾؛ أي: فترفع الله سبحانه وتعالى، وتنزه عن شركة ما يشرك به الكفار، من الأصنام والطواغيت، معطوفة (١) على جملة قوله: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ والتقدير: هو الذي خلقكم من نفس واحدة، فتعالى عما يشركون، ويكون في قوله: ﴿يُشْرِكُونَ﴾ التفات وما بينهما، وهو قوله: ﴿وَجَعَلَ مِنْها﴾ إلى قوله: ﴿جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما﴾ اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه، وفي «الكرخي»: هذه الجملة مسببة معطوفة على خلقكم؛ أي: وليس لها تعلق بقصة آدم وحواء أصلا، ويوضح ذلك تغيير الضمير إلى الجمع بعد التثنية، ولو كانت القصة واحدة لقال: عما يشركان، كقوله: ﴿دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما﴾ اه، ويؤيد هذا التأويل قراءة السلمي: ﴿عما تشركون﴾ بتاء الخطاب، التفاتا من الغيبة إلى الخطاب.
وقال بعض المفسرين: وقد نسب (٢) هذا الجعل إلى آدم وحواء، والمراد أولادهما، قال الحسن البصري: هم اليهود والنصارى، رزقهم الله أولادا، فهودوا ونصروا، وقال الحافظ ابن كثير: أما نحن فعلى مذهب الحسن البصري في هذا التأويل، وأنه ليس المراد من السياق آدم وحواء، وإنّما المراد من ذلك ذريته، ولهذا قال: ﴿فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ ثم قال: فذكره آدم وحواء أولا كالتوطئة لما بعدهما من الوالدين، وهو كالاستطراد من ذكر الشخص إلى الجنس. اه وقال صاحب «الانتصاف»: إن المراد جنس الذكر والأنثى، لا يقصد فيه إلى معين، وكأن المعنى - والله أعلم -: خلقكم جنسا واحدا، وجعل أزواجكم منكم أيضا لتسكنوا إليهن، فلما تغشى الجنس الذي هو الذكر الجنس
(٢) المراغي.