وفي كونها عنده سبحانه وتعالى زيادة تشريف لهم، وتكريم وتعظيم وتفخيم.
﴿وَ﴾ لهم ﴿مَغْفِرَةٌ﴾ من الله سبحانه وتعالى لذنوبهم التي سبقت وصولهم إلى درجات الكمال ﴿وَ﴾ لهم ﴿رِزْقٌ كَرِيمٌ﴾؛ أي: ثواب حسن في الجنة، مقرون بالإكرام والتعظيم، خال عن كد الاكتساب وخوف الحساب، وهو ما أعد الله سبحانه وتعالى لهم من نعيم الجنة، من لذيذ المآكل والمشارب، وهناء العيش، والكريم تصف به العرب كل شيء حسن، لا قبح فيه ولا شكوى.
٥ - والكاف في قوله: ﴿كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ خبر لمبتدأ محذوف جوازا تقديره: الأمر والشأن كائن كما أخرجك ربك، و ﴿ما﴾ مصدرية؛ أي: قضاء الله وأمره وشأنه كائن كإخراجه إياك من بيتك في المدينة، حال كونك ملتبسا بالحق والوحي ﴿وَ﴾ الحال ﴿إِنَّ فَرِيقًا﴾ وجماعة ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ﴾ ذلك الخروج، لعدم استعدادهم له بالعدد والعدد، وقيل: إن الكاف اسم بمعنى مثل واقعة خبرا لمبتدأ محذوف تقديره: حالهم في كراهة ما رأيت من تنفل جميع الغزاة بالسوية، مثل حالهم في كراهة خروجهم للحرب؛ أي فكراهتهم لقسمة الغنيمة على السوية مثل كراهتهم لقتال قريش.
والحاصل: أنه وقع للمسلمين في وقعة بدر كراهتان:
كراهة قسمة الغنيمة على السوية، وهذه الكراهة من شبابهم فقط، وهي الداعي الطبيعي، ولتأولهم بأنّهم باشروا القتال دون الشيوخ.
والكراهة الثانية: كراهة قتال قريش، وعذرهم فيها أنّهم خرجوا من المدينة ابتداء لقصد الغنيمة، ولم يتهيؤوا للقتال، فكان ذلك سبب كراهتهم للقتال، فشبه إحدى الحالتين بالأخرى في مطلق الكراهة.
وقيل: إن التشبيه واقع بين إخراجين؛ أي: إخراج ربك إياك من بيتك في مكة بالحق والوحي، وأنت كاره للخروج، وكان عاقبة ذلك الإخراج الظفر والنصر، والخير كائن، كإخراجه إياك - وبعض المؤمنين - من بيتك في المدينة بالحق والوحي في أنّه يكون عقب ذلك الخروج الثاني الظفر والنصر والخير، كما


الصفحة التالية
Icon