فرقة، ويجوز في اللغة: مردّفين ومردّفين ومردّفين، فالدال مكسورة مشددة على كل حال، والراء يجوز فيها الفتح والضم والكسر، قال سيبويه: الأصل مرتدفين، فأدغمت التاء في الدال، فصار مردفين؛ لأنّك طرحت حركة التاء على الراء، وإن شئت لم تطرح حركة التاء، وكسرت التاء لالتقاء الساكنين، والذين ضموا الراء جعلوها تابعة لضم الميم
١٠ - ﴿وَما جَعَلَهُ اللَّهُ﴾؛ أي: وما جعل الله إمدادكم بإنزال الملائكة عيانا لعلة من العلل ﴿إِلَّا بُشْرى﴾؛ أي: إلا لأجل البشرى لكم بأنّكم تنصرون ﴿وَ﴾ إلا ﴿لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾؛ أي: وإلا لتسكن بذلك الإمداد قلوبكم من الزلزال الذي عرض لكم، فكان من مجادلتكم للرسول في أمر القتال ما كان، وبذا تلقون أعداءكم ثابتين، موقنين بالنصر، وفي هذا إشعار بأنّ الملائكة لم يقاتلوا، بل أمد الله المسلمين بهم للبشرى لهم، وتطمين قلوبهم وتثبيتها، وحذف ﴿لكم﴾ هنا وأثبته في آل عمران لأن القصة هناك مسهبة، فناسبها الإثبات، وهنا موجزة فناسبها الحذف، وهنا قدم لفظة ﴿بِهِ﴾ وأخر هناك على سبيل التفنن والاتساع في دائرة الكلام، وجاء هنا ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ مراعاة لأواخر الآي، وهناك ليست آخر آية، لتعلق ﴿يَقْطَعَ﴾ بما قبله، فناسب أن يأتي ﴿العزيز الحكيم﴾ على سبيل الصفة، وكلاهما يشعر بالعلية، ذكره أبو حيان.
﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ لا من عند غيره؛ أي: إنّ الله ينصركم أيها المؤمنون فثقوا بنصره، ولا تتكلوا على قوتكم، فإمداد الملائكة، وكثرة العدد، والأهب ونحوها وسائط لا تأثير لها، فلا تحسبوا النصر منها، ولا تيأسوا منه بفقدها، وفيه تنبيه على أن الواجب على العبد المسلم أن لا يتوكل إلا على الله تعالى في جميع أحواله، ولا يثق بغيره؛ فإن الله تعالى بيده النصر والإعانة؛ أي: ليس النصر إلا من عند الله تعالى دون غيره من الملائكة أو سواهم من الأسباب، فهو سبحانه الفاعل للنصر، والمسخر له كتسخيره للأسباب الحسية والمعنوية، ولا سيما ما لا كسب للبشر فيه، كتسخير الملائكة لتخالط المؤمنين، فتفيد أرواحهم الثبات والاطمئنان.
﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿عَزِيزٌ﴾؛ أي: غالب على أمره، قوي منيع لا يقهره شيء، ولا يغلبه غالب، بل هو يقهر كل شيء ويغلب ﴿حَكِيمٌ﴾ في تدبيره