وفعلوا ذلك، وقد فهم من الآية أنّه كان لهذا المطر أربع فوائد:
١ - تطهيرهم حسّيا بالنظافة التي تنشط الأعضاء وتدخل السرور على النفس، وشرعيّا بالغسل من الجنابة، والوضوء من الحدث الأصغر.
٢ - إذهاب رجس الشيطان ووسوسته.
٣ - الربط على القلوب؛ أي: توطين النفس على الصبر وتثبيتها، كما قال: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغًا إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها﴾ وهذا لما للمطر من المنافع التي تكون أثناء القتال.
٤ - تثبيت الأقدام به؛ ذاك أنّ هذا المطر لبد الرمل وصيره بحيث لا تغوص فيه أرجلهم، فقدروا على المشي كيف أرادوا، ولولاه لما قدروا على ذلك.
وقرأ طلحة (١): ﴿وَيُنَزِّلُ﴾ بالتشديد، وعبارة النسفي: ﴿وينزل﴾ قرأ مكيّ وبصري بالتخفيف، وقرأ غيرهم بالتشديد. اه.
وقرأ الجمهور: ﴿ماءً﴾ بالمد، وقرأ الشعبي، ﴿ما﴾ بغير همز، والأصحّ أنها بمعنى ماء المدودة، قصر للتخفيف، وقيل: هي ما الموصول، ولا يصح لأنّ لام كي لا تكون صلة الموصول، وقرأ ابن المسيب ﴿ليطهركم﴾ بسكون الطاء، وقرأ عيسى بن عمر ﴿ويذهب﴾ بسكون الباء، وقرأ ابن محيصن ﴿رجز﴾ بضم الراء، وأبو العالية ﴿رجس﴾ بالسين.
١٢ - واذكر يا محمد نعمة ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ﴾؛ أي: نعمة وقت إيحاء ربك إلى الملائكة، الذين أمد بهم المؤمنين يوم بدر، وإعلامه إياهم، فأل فيه للعهد الذّكري ﴿أَنِّي مَعَكُمْ﴾؛ أي: أني مع المؤمنين بالنصر، والمعونة، والتأييد، أو أني معكم يا ملائكتي في إمدادهم وإعانتهم ﴿فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ أي: فثبتوا يا ملائكتي قلوب الذين آمنوا بإلقاء النصر والغلبة في قلوبهم، أو ثبتوهم بقتالكم معهم للمشركين. وقيل: بشّروهم بالنصر والظفر، فكان الملك يمشي في صورة رجل أمام الصف، ويقول: أبشروا فإنّ الله ناصركم عليهم، فالمراد بالمعية في

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon