١٣ - ثم بيّن سبب ذلك التأييد والنصر فقال: ﴿ذلِكَ﴾ المذكور من تأييد الله للمؤمنين بالنصر والمعونة والإمداد، والظفر، والغلبة، وخذلانه للمشركين بالقتل والأسر والهزيمة، ﴿بِأَنَّهُمْ﴾؛ أي: كائن بسبب أنّ المشركين ﴿شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ صلى الله عليه وسلّم؛ أي: خالفوهما في الأوامر والنواهي وعادوهما، فكان كل منهما في شقّ، وجانب غير الذي فيه الآخر، فالله هو الحق، والداعي إلى الحق ورسوله، هو المبلغ عنه، والمشركون على الباطل، وما يستلزمه من الشرور والآثام، والخرافات، والكاف في ذلك، لخطاب الرسول، أو لخطاب كل سامع ﴿وَمَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾؛ أي: ومن يخالف الله ورسوله فيما أمرا به، ونهيا عنه. وأجمعوا (١) على الفك في ﴿يُشاقِقِ﴾ اتباعا لخط المصحف، وهي لغة الحجاز، والإدغام لغة تميم، كما جاء في الآية الأخرى ﴿وَمَنْ يُشَاقِّ﴾ ﴿فَإِنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى يعاقبه يوم القيامة على مخالفته، وشركه لأنه سبحانه وتعالى: ﴿شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ له، فالذي نزل بهم في ذلك اليوم قليل بالنسبة إلى ما أعده الله لهم من العقاب يوم القيامة، فلا أجدر بالعقاب من المشاقين له، الذين يؤثرون الشرك وعبادة الطاغوت على توحيده تعالى وعبادته، ويعتدون على أوليائه بمحاولة ردهم عن دينهم بالقوة والقهر، وإخراجهم من ديارهم، ثم اتّباعهم إلى مهجرهم يقاتلونهم فيه،
١٤ - والخطاب في قوله: ﴿ذلِكُمْ﴾ للمشركين؛ أي: هذا العقاب الذي عجلت لكم أيها المشركون، المشاقون لله ورسوله في الدنيا، من انكسار وهزيمة مع الخزي، والذل أمام فئة قليلة العدد والعدد من المسلمين؛ أي: ذلك العذاب المذكور ﴿فَذُوقُوهُ﴾ عاجلا في الدنيا وباشروه ﴿وَ﴾ اعلموا ﴿أَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ﴾؛ أي: إنّ لكم في الآخرة عذاب النار إن أصررتم على كفركم، وهو شر العذابين، وأبقاهما، وأشار بالتعبير بالذوق إلى أنّ عذاب الدنيا يسير بالنسبة لعذاب الآخرة، وقيل: المعنى ذوقوا ما عجل لكم في الدنيا مع ما أجل لكم في الآخرة.
وقرأ الحسن وزيد بن علي وسليمان التيمي (٢): ﴿وَإنَّ لِلْكافِرِينَ﴾ بكسر همزة ﴿إن﴾ على استئناف الإخبار.

(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon