أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ...﴾ الآية، روى أبو داود (ج ٢ ص ٣٤٩): حدثنا محمد بن هشام المصري، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا داود بن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: نزلت في يوم بدر ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ﴾ الحديث أخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، وأقره الذهبي وابن جرير، وعزاه الحافظ بن كثير (ج ٢/ ص ٣٩٥) إلى النسائي، وابن مردويه مع من ذكرنا، ثم قال: وهذا كله لا ينفي أن يكون الفرار من الزحف حراما على غير أهل بدر، وإن كان سبب نزول الآية فيهم، كما دل عليه حديث أبي هريرة، من أن الفرار من الزحف من الموبقات كما هو مذهب الجمهور والله أعلم.
قوله تعالى: ﴿وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى...﴾ الآية، في سبب نزولها ثلاثة أقوال (١):
أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال لعلي: «ناولني كفا من حصباء» فناوله فرمى به في وجوه القوم، بما بقى منهم أحد إلا وقعت في عينه حصاة، رواه الطبراني عن ابن عباس، وفي رواية أخذ قبضة من تراب، فرمى بها، وقال: «شاهت الوجوه» فما بقى مشرك إلا شغل بعينيه بعالج التراب الذي فيها، فنزلت ﴿وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى﴾ وذلك يوم بدر، وهذا قول الأكثرين.
والقول الثاني: أن أبيّ بن خلف، أقبل يوم أحد إلى النبي صلى الله عليه وسلّم يريده، فاعترض له رجال من المؤمنين، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم فخلوا سبيله، وطعنه النبي صلى الله عليه وسلّم بحربته، فسقط أبي عن فرسه، ولم يخرج من طعنته دم، فأتاه أصحابه وهو يخور خوار الثور، فقالوا: إنما هو خدش، فقال: والذي نفسي بيده، لو كان الذي بي بأهل الحجاز لماتوا أجمعون، فمات قبل أن يقدم مكة، فنزلت هذه الآية، رواه سعيد بن المسيب عن أبيه.
والثالث: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم رمى يوم خيبر بسهم فأقبل السهم يهوي حتى