فقال أبو لبابة: إن من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يجزئك الثلث». وأخرجه الواحدي في «أسباب النزول» وأخرج بعضه الطبري، وابن هشام.
وروى ابن جرير (١) وغيره عن جابر بن عبد الله: أن أبا سفيان خرج من مكة، فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلّم، فقال: إن أبا سفيان بمكان كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فاخرجوا إليه واكتموا، فكتب رجل من المنافقين إلى أبي سفيان أن محمدا يريدكم، فخذوا حذركم، فأنزل الله هذه الآية: ﴿لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾ الآية. غريب جدا، في سنده وسياقه نظر.
وأخرج ابن جرير عن السدي، قال: كانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلّم الحديث فيفشونه حتى يبلغ المشركين، فنزلت.
التفسير وأوجه القراءة
١٥ - ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾؛ أي: صدقوا الله ورسوله ﴿إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾؛ أي: قابلتموهم للقتال حالة كونهم ﴿زَحْفًا﴾؛ أي: زاحفين لقتالكم زحفا، إذ الكفار هم الذين زحفوا من مكة إلى المدينة لقتال المؤمنين فقابلوهم ببدر، والمعنى (٢) على التشبيه؛ أي: حالة كونهم مثل الزاحفين والماشين على أدبارهم، وذلك لأن الجيش إذا كثر والتحم بعضهم ببعض يتراءى أن سيره بطيء، وإن كان في نفس الأمر سريعا، فالمقصود من هذه الحال بعد كون المراد التشبيه ما يلزم هذه المشابهة، وهو الكثرة.
﴿فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ﴾؛ أي: فلا تولوهم ظهوركم، وأقفيتكم منهزمين؛ أي: لا تجعلوا ظهوركم مما يليهم، بل قابلوهم بوجوهكم، وقاتلوهم مع قلتكم،
١٦ - ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ﴾؛ أي: يوم إذ تلقونهم ﴿دُبُرَهُ﴾ بضمتين، وقراءة الحسن ﴿دُبُرَهُ﴾: بسكون الباء كقولهم عنق في عنق، أي ظهره؛ أي: ومن يجعل ظهره

(١) لباب النقول.
(٢) الفتوحات.


الصفحة التالية
Icon