عليهم آفات أذهبت هذه القوى بل هم شر منهم لأن هذه المشاعر، خلقت لهم، فأفسدوها على أنفسهم، إذ لم يستعملوها فيما خلقت لأجله حين التكليف، وفي الآية غاية الذم لهم بأنهم أشر من الكلب، والخنزير، والحمير.
٢٣ - ﴿وَلَوْ عَلِمَ﴾ اللَّهُ سبحانه وتعالى ﴿فِيهِمْ﴾؛ أي: في هؤلاء الصم البكم ﴿خَيْرًا﴾؛ أي: سعادة ﴿لَأَسْمَعَهُمْ﴾ سماعا ينتفعون به ويتعقلون عنده الحجج والبراهين، والمعنى:
ولو علم الله فيهم خيرا أي استعدادا للايمان، والهداية بنور النبوة، ولم يفسد قبس الفطرة سوء القدوة، وفساد التربية | لأسمعهم بتوفيقه الكتاب والحكمة سماع تدبر وتفهم، ولكنه قد علم أنه لا خير فيهم، فهم ممن ختم الله على قلوبهم، وأحاطت بهم خطاياهم. |
واعلم: أن للسماع درجات باعتبار ما يطالب الله به من الاهتداء بكتابه:
١ - أن يتعمد من يتلى عليه أن لا يسمعه مبارزة له بالعدوان بادىء ذي بدء خوفا من سلطانه على القلوب أن يغلبهم.
٢ - أن يستمع، وهو لا ينوي أن يفهم ويتدبر، كالمنافقين الذين قال الله فيهم: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفًا﴾.
٣ - أن يستمع لأجل التماس شبهة للطعن والاعتراض، كما كان يفعل