وبعبارة ثانية: هو العلم الصحيح والحكم الرجيح، وقد أطلق هذا اللفظ على التوراة والإنجيل، والقرآن، وغلب على الأخير قال تعالى: ﴿تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيرًا (١)﴾ من قبل أن كلامه تعالى يفرق في العلم والاعتقاد بين الإيمان والكفر، والحق والباطل، والعدل والجور، والخير والشر، والفرقان (١) في الأصل: مصدر فرق بين الشيئين؛ أي: حال بينهما. وقال ابن عباس وجماعة: ﴿فُرْقانًا﴾؛ أي: مخرجا في الدين من الضلال، وقال مزرد بن ضرار:
بادر الأفق أن يغيب فلمّا | أظلم اللّيل لم يجد فرقانا |
ما لك من طول الأسى فرقان | بعد قطين رحلوا وبانوا |
وكيف أرجو الخلد والموت طالبي | وما لي من كأس المنيّة فرقان |
والتقوى هنا: إن كانت من اتقاء الكبائر، كانت السيئات الصغائر، ليتغاير الشرط والجزاء، وتكفيرها في الدنيا ومغفرتها إزالتها في القيامة، وتغاير الظرفان لئلا يلزم التكرار كما مرّ في بحث التفسير.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعا وضروبا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التشبيه البليغ في قوله ﴿زَحْفًا﴾ لأن المعنى (٢) على التشبيه بالزاحفين
(١) البحر المحيط.
(٢) الفتوحات.
(٢) الفتوحات.