الْعَذابَ}؛ أي: فذوقوا أيها المشركون في الدنيا عذاب القتل لبعض كبرائكم، والأسر للآخرين منهم، وانهزام الباقين، مدحورين مكسورين يوم بدر، ﴿بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ بالقرآن وبمحمد صلى الله عليه وسلّم.
والخلاصة: فذوقوا العذاب الذي طلبتموه، وما كان لكم أن تستعجلوه إذ قلتم: ﴿أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾.
وقرأ أبان بن تغلب، وعاصم، والأعمش بخلاف عنهما (١) ﴿صلاتهم﴾ بالنصب ﴿إلا مكاء وتصدية﴾ بالرفع، وخطأ قوم منهم أبو علي الفارسي هذه القراءة لجعل المعرفة خبرا والنكرة اسما، قالوا: ولا يجوز ذلك إلا في ضرورة كقوله:
يكون مزاجها عسل وماء
وخرّجها أبو الفتح على أن المكاء والتصدية اسم جنس، واسم الجنس تعريفه وتنكيره واحد، وقرأ أبو عمرو فيما روي عنه ﴿إلا مكا﴾ بالقصر منونا فمن مد فكالثغاء، والرغاء، ومن قصر فكالبكاء في لغة من قصر.
٣٦ - ولما ذكر الله سبحانه وتعالى عبادة الكفار البدنية، وهي المكاء والتصدية.. ذكر عقبها عبادتهم المالية التي لا جدوى لها في الآخرة، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بالله ورسوله صلى الله عليه وسلّم يعني كفار قريش وخبر إن جملة قوله: ﴿يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ﴾ ويصرفونها في محاربة النبي صلى الله عليه وسلّم ﴿لِيَصُدُّوا﴾ الناس ويمنعوهم ﴿عَنْ﴾ الدخول في ﴿سَبِيلِ اللَّهِ﴾ تعالى ودينه واتباع رسوله؛ أي: إن مقصدهم بالانفاق الصد عن اتباع محمد وهو سبيل الله وإن لم يكن عندهم كذلك.
قال مقاتل والكلبي (٢): نزلت هذه الآية في المطعمين يوم بدر وكانوا اثني عشر رجلا من كبار قريش، أبي جهل وأصحابه، يطعم كل واحد منهم كل يوم
(٢) المراح.