بمعنى أفعل؛ أي: أرهبوهم، وهو قريب من قولهم قر واستقر، وعظم واستعظم، وهذا رأي المبرد، ويجوز أن تكون السين على بابها؛ أي: استدعوا رهبة الناس منهم، وهو رأي الزجاج. اه «سمين».
﴿تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ﴾ (١) قرأ العامة: ﴿تَلْقَفُ﴾ بتشديد القاف من ﴿تَلْقَفُ﴾ والأصل تتلقف بتائين، فحذفت إحداهما، إما الأولى وإما الثانية، وقد تقدم ذلك في نحو ﴿تذكرون﴾ والبزي: على أصله وإدغامها فيما بعدها، فيقرأ: ﴿فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ﴾ بتشديد التاء أيضا، وقرأ حفص ﴿تَلْقَفُ﴾ بتخفيف القاف من لقف، كعلم يعلم، وركب يركب، يقال: لقفت الشيء ألقفه لقفا، وتلقفته أتلقفه تلقفا إذا أخذته بسرعة فأكلته أو ابتلعته، ويقال: لقف ولقم بمعنى واحد، قاله أبو عبيد اه «سمين»، وفي «المختار»: لقف من باب فهم، وتلقفته؛ أي: تناولته بسرعة اه.
﴿ما يَأْفِكُونَ﴾ أصل الإفك قلب الشيء عن وجهه، ومنه قيل للكذاب أفّاك؛ لأنّه يقلب الكلام عن وجهه الصحيح إلى الباطل. اه «خازن». وفي «المصباح» أفك يأفك من باب ضرب، إفكا بالكسر فهو أفوك وأفاك، وأفكته صرفته، وكل أمر صرف عن وجهه فقد أفك. اه وفي «المراغي»: المأفوك (٢) المصروف عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه، ومن ثم يقال للرياح التي عدلت عن مهابها: مؤتفكة، كما قال تعالى: ﴿وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ (٩)﴾ وقال: ﴿قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾؛ أي: يصرفون عن الحق في الاعتقاد إلى الباطل، وعن الصدق في المقال إلى الكذب، وعن الجميل في الفعل إلى القبيح، فالإفك بالقول كالكذب، وقد يكون بالفعل، كعمل سحرة فرعون.
﴿فَغُلِبُوا هُنالِكَ﴾. ﴿هُنالِكَ﴾: يجوز أن يكون مكانا؛ أي: غلبوا في المكان الذي وقع فيه سحرهم، وهذا هو الظاهر، وقيل: يجوز أن يكون زمانا، وهذا ليس أصله، وقد أثبت له بعضهم هذا المعنى في قوله تعالى: ﴿هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ وفي قول الشاعر:
(٢) المراغي.