فيستمرون على الإيمان شهرا ثم ينكثون؛ أي: فكلما وقع عليهم، وحل بهم الرجز والعذاب، الذي هو واحد من الخمسة المذكورة في الآية السابقة، اضطربوا وفزعوا أشد الفزع و ﴿قالُوا﴾ كل مرة منها ﴿يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ﴾ وتوسل إليه ﴿بِما عَهِدَ عِنْدَكَ﴾؛ أي: بعهده عندك ورسالته لك أن يكشف عنا هذا الرجز والعذاب الذي نزل بنا، ونحن نقسم لك ﴿لَئِنْ كَشَفْتَ﴾ ورفعت ﴿عَنَّا﴾ هذا ﴿الرِّجْزُ﴾ والعذاب بدعائك ﴿لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ﴾ ولنصدقن رسالتك ﴿وَلَنُرْسِلَنَّ﴾؛ أي: لنطلقن ﴿مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ﴾ ليعبدوا ربهم معك.
١٣٥ - ﴿فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ﴾؛ أي: فكلما كشفنا ورفعنا عنهم الرجز والعذاب، مرة بعد أخرى من المرات الخمسة السابقة ﴿إِلى أَجَلٍ﴾ ومدة من الزمن ﴿هُمْ بالِغُوهُ﴾ ومنتهون إليه لا بد، وهو وقت إهلاكهم بالغرق في اليم ﴿إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ وينقضون عهدهم ويحنثون في قسمهم في كل مرة؛ أي: فكلما رفعنا عنهم العذاب فاجؤوا نكث العهد من غير تأمل وتوقف، ثم عند حلول ذلك الأجل لا نزيل عنهم العذاب، بل نهلكهم به.
والخلاصة (١): أنه كشف العذاب عنهم إلى حين من الزمان هم واصلون إليه ولا بد، فمعذبون فيه أو مهلكون، وهو وقت الغرق، كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
١٣٦ - ﴿فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ﴾ عند بلوغ الأجل المضروب لهم؛ أي: فلما بلغوا الأجل المؤقت لهم.. أردنا الانتقام منهم، والعقوبة لهم على ما أسلفوا من المعاصي ﴿فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ﴾؛ أي: فأهلكناهم في البحر الملح ﴿بـ﴾ سبب ﴿أنهم كذبوا بآياتنا﴾ التسع كلها الدالة على صدق رسولنا ﴿وَكانُوا عَنْها﴾، أي: عن تلك الآيات ﴿غافِلِينَ﴾؛ أي: معرضين غير ملتفتين إليها.
أي فانتقمنا منهم عند بلوغ الأجل المضروب لهم، بأن أغرقناهم في البحر وذلك بسبب تكذيبهم بالآيات، وعدم تفكرهم فيها، حتى صاروا كالغافلين عنها،

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon