وهتكت أستارهم.
وعن سعيد بن جبير قلت لابن عباس: سورة التوبة؟ قال: بل هي الفاضحة، ما زالت تقول: ومنهم ومنهم، حتى ظنوا أن لا يبقى أحد إلا ذكر فيها. قال: قلت: سورة الأنفال؟ قال: نزلت في بدر. قال: قلت: سورة الحشر؟ قال: بل سورة النضير. أخرجاه في "الصحيحين".
فصلٌ في بيان سبب ترك كتابة البسملة في أول هذه السورة
وقد اختلف العلماء في سقوط البسملة من أولها على أقوال (١):
عن المبرد وغيره أنَّه كان من شأن العرب إذا كان بينهم وبين قوم عهدٌ فأرادوا نقضه.. كتبوا إليهم كتابًا، ولم يكتبوا فيه بسملةً، فلمَّا نزلت براءة بنقض العهد الذي كان بين النبي - ﷺ - والمشركين.. بعث بها النبيُّ - ﷺ - عليَّ بن أبي طالب، فقرأها عليهم، ولم يبسمل في ذلك على ما جرت به عادة العرب.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: سألت عليَّ بن أبي طالب: لِمَ لا تكتب في براءة ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)﴾؟ قال: لأنَّ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)﴾ أمان، وبراءة نزلت بالسيف.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطر ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)﴾ ووضعتموها في السبع الطِّوال، ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله - ﷺ - كثيرًا ما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء.. دعا بعض من كان يكتب، فيقول: "ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا"، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر
(١) الشوكاني والخازن.