وقرأ الضحاك وعكرمة وأبو المتوكل (١): ﴿واذْن﴾ بكسر الهمزة وسكون الذال. وقرأ الحسن والأعرج: ﴿إن الله﴾ بكسر الهمزة والفتح على تقدير: بأن والكسر على إضمار القول على مذهب البصريين، أو لأن الأذان في معنى القول، فكسرت على مذهب الكوفيين، وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وزيد بن علي وأبو رزين وأبو مجلز وأبو رجاء ومجاهد وابن يعمر: ﴿ورسولَه﴾ بالنصب عطفًا على لفظ اسم إنَّ، وأجاز الزمخشري أن ينصب على أنه مفعول معه، وقرىء بالجر شاذًّا، ورويت عن الحسن، وخرجوا على العطف على الجوار، كما أنهم نعتوا وأكدوا على الجوار، وقيل: هي واو القسم، وهذا تخريج ضعيف جدًّا، إذ لا معنى للقسم برسول الله - ﷺ - هنا مع ما ثبت من النهي عن الحلف بغير الله، وروي أن أعرابيًّا سمع من يقرأ بالجر، فقال: إن كان الله بريئًا من رسوله.. فأنا برىءٌ منه: فلبَّبه القارئ إلى عمر، فحكى الأعرابيُّ قراءته، فعندها أمر عمر بتعليم العربية، وأما قراءة الجمهور بالرفع، فعلى الابتداء. والخبر محذوف؛ أي: ورسوله بريء منهم، وحذف لدلالة ما قبله عليه، كما سيأتي في مبحث الإعراب إن شاء الله تعالى.
ثم أكد ما يجب أن يبلَّغوه بلا تأخير بقوله: ﴿فَإِنْ تُبْتُمْ﴾ أيها المشركون من الشرك.. ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾؛ أي: فالتوب خير لكم في الدارين لا شر؛ أي: قولوا لهم أيها المبلِّغون، فإن تبتم ورجعتم عن شرككم وعن خيانتكم وغدركم، بنقض العهد وقبلتم هدى الإِسلام.. فذلك المتاب خير لكم في الدنيا والآخرة؛ لأنَّ في هدايته سعادتكم فيهما ﴿وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾، أي: أعرضتم عن المتاب من الشرك ﴿فَاعْلَمُوا﴾ أيها المشركون ﴿أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ﴾، أي: غير فائتين من عذاب الله، فإن الله قادرٌ على إنزال أشد العذاب بكم، والمعنى: وإن أعرضتم عن إجابة الدعوة إلى التوبة.. فاعلموا أنكم غير سابقيه سبحانه، ولا فائتيه، فلن تفلتوا من حكم سننه، ووعده لرسله وللمؤمنين بالنصر والغلب كما قال: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ ﴿وَبَشِّرِ﴾ أيها الرسول الكريم ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وجحدوا رسالتك ولم