خصته السنة، وهو المرأة والصبي والعاجز الذي لا يقاتل، وكذلك يخصص منها أهل الكتاب، الذين يعطون الجزية على فرض تناول لفظ المشركين لهم، وهذه الآية نسخت كلَّ آية فيها ذكر الإعراض عن المشركين والصبر على أذاهم. انتهى.
﴿وَخُذُوهُمْ﴾؛ أي: وأسروهم والأخيذ الأسير ﴿وَاحْصُرُوهُمْ﴾؛ أي: وامنعوهم من إتيان المسجد الحرام ومن التقلب في البلاد، وقرىء: ﴿وحاصروهم﴾ شاذًّا ﴿وَاقْعُدُوا لَهُمْ﴾؛ أي: لأجل مراقبتهم ﴿كُلَّ مَرْصَدٍ﴾؛ أي: في كل ممر وطريق يسلكونه، لئلا ينبسطوا في البلاد.
والمعنى (١): فإذا انقضت الأشهر الأربعة التي حرم عليكم فيها قتال المشركين.. فافعلوا معهم كل ما ترونه موافقًا للمصلحة، من تدابير الحرب وشؤونها؛ لأنَّ الحال بينكم وبينهم عادت إلى حال الحرب بانقضاء أجل التأمين الذي منحتموه، وذلك بعمل أحد الأمور الآتية:
١ - قتلهم في أي مكان وجدوا فيه من حل أو حرم.
٢ - أخذهم أسارى، وقد أبيح هنا الأسر الذي حظر في سورة الأنفال بقوله: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾؛ لأن الإثخان، وهو الغلب والقوة والسيادة قد وجد.
٣ - حصرهم وحبسهم حيث يعتصمون بمعقل أو حصن، بأن يحاط بهم، ويمنعوا من الخروج والانفلات، حتى يسلموا أو ينزلوا على حكمهم بشرط ترضونه، أو بدون شرط.
٤ - القعود لهم كل مرصد؛ أي: مراقبتهم في كل مكان يمكن الإشراف عليهم فيه، ورؤية تجولهم وتقلبهم في البلاد.
وهذه الآية تسمى: آية السيف، إذ جاء الأمر فيها بالقتال، وقد كان مؤجلًا ومنسّأً إلى أن يقوى المسلمون، وكان الواجب عليه في حال الضعف الصبر على الأذى.

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon