الاجتماعية بين المسلمين، وبالزكاة؛ لأنها الرابطة المالية الاجتماعية، فمن أقامهما.. كان أجدر بإقامة غيرهما.
٦ - ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ الذين أمرت بقتالهم وقتلهم بعد انقضاء الأشهر الحرم ﴿اسْتَجَارَكَ﴾؛ أي: استأمنك؛ أي: طلب منك الأمان والجوار ليسمع كلام الله منك، أو لحاجة أخرى.. ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾؛ أي: فأمنه حتى يسمع قراءتك لكلام الله، ويطلع على حقيقة ما تدعو إليه، ونقل عن ابن عباس أنه قال: إن رجلًا من المشركين، قال لعلي بن أبي طالب: إن أردنا أن نأتي الرسول بعد انقضاء هذا الأجل لسماع كلام الله، أو لحاجةٍ أخرى.. فهل نقتل؟ فقال علي: لا، فإن الله تعالي قال: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾. ﴿ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾؛ أي: ثم أوصله إلى ديار قومه التي يأمنون فيها على أنفسهم وأموالهم، ثم بعد ذلك يجوز قتالهم وقتلهم، والمعنى: اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، إلا من طلب منكم الأمان، ليعلم ما أنزل الله تعالى وأمر به من دعوة الإِسلام، فإنَّ بعض المشركين لم تبلغهم الدعوة بلاغًا مقنعًا، ولم يسمعوا شيئًا من القرآن، أو لم يسمعوا منه ما تقوم به الحجة عليهم، فأعرضوا وعادوا الداعي وقاتلوه؛ لأنه جاء بتفنيد ما هم عليه من الشرك وتسفيه ما كان عليه آباؤهم منه.
والخلاصة: وإن استأمنك أيها الرسول الكريم أحد من المشركين لكي يسمع كلام الله، ويعلم منه حقيقة ما تدعو إليه أو ليلقاك، وإن لم يذكر سببًا.. فأجره وأمنه على نفسه وأمواله؛ لكي يسمع أو لكي يراك، فإنّ هذه فرصة للتبليغ والاستماع، فإن اهتدى وآمن عن علم وإقناع.. فذاك، وإلا فالواجب أن تبلغه المكان الذي يأمن فيه على نفسه، ويكون حُرًّا في عقيدته، حيث لا يكون للمسلمين سلطان عليه، وتعود حال الحرب إلى ما كانت عليه من غير غدر.
والمراد بالسماع: أن يسمع المقدار الذي تقوم به الحجة، ويتبين به بطلان الشرك، وحقيقة التوحيد، والبعث، وصدق الرسول في تبليغه عن الله فإنه إذا ألقى إليه السمع.. لا يلبث أن يظهر له الحق إذا لم تصده العصبية والعدوان للداعي،