التنوين في عمرة، وقرأ الضحاك: ﴿سُقاية﴾ بضم السين ﴿وعمرة﴾ بنى الجمع على فعال، كرخل ورخال الرخل: الأنثى من أولاد الضأن وكان المناسب أن يكون بغيرها، لكنه أدخل الهاء كما دخلت في حجارة.
٢٠ - ثم صرح بالفريق الفاضل، وبين مراتب فضلهم إثر بيان عدم استوائهم هم والمشركين الظالمين، فقال: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالله ورسوله، وبجميع ما يجب الإيمان به، مبتدأ. ﴿وَهَاجَرُوا﴾؛ أي: فارقوا أوطانهم من مكة إلى المدينة، طلبًا لرضا الله ورسوله ﴿وَجَاهَدُوا﴾ الكافر ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾؛ أي في طاعته لإعلاء كلمته، لا للحمية والوطنية باذلين ﴿بِأَمْوَالِهِمْ﴾ النفيسة ﴿وَأَنْفُسِهِمْ﴾ العزيزة ﴿أَعْظَمُ دَرَجَةً﴾ خبر المبتدأ؛ أي: أعظم درجة ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ تعالى، وأعلى مقامًا في مراتب الفضل، والكمال في حكم الله، وأكبر مثوبة من أهل سقاية الحاج وعمارة المسجد، اللذين رأى بعض المسلمين أو المشركون أنهما من أفضل القربات بعد الإِسلام أو أنهما أفضل من الإِسلام؛ أي: أحق بما لديه من الخير من تلك الطائفة المشركة المفتخرة بأعمالها المحبطة الباطلة؛ أي: فالذين نالوا فضل الهجرة والجهاد، بنوعيه النفسي والمالي، أعلى مرتبة وأعظم كرامةً ممن لم يتصف بهما، كائنًا من كان، ويدخل في ذلك أهل السقاية والعمارة ﴿وَأُولَئِكَ﴾ المؤمنون - المهاجرون المجاهدون ﴿هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ بمثوبة الله تعالي وكرامته، دون من لم يكن مستجمعًا لهذه الصفات الثلاث، وإن سقى الحاج وعمر المسجد الحرام، فإن ثواب المؤمن على هذين العملين دون ثوابه على الهجرة والجهاد، ولا ثواب للكافر عليهما في الآخرة، فإن الكفر بالله ورسله واليوم الآخر يحبط الأعمال البدنية، وإن فرض فيها حسن النية.
٢١ - ثم بين سبحانه ذلك الفوز العظيم بقوله: ﴿يُبَشِّرُهُمْ﴾؛ أي: يبشر هؤلاء المؤمنين المهاجرين المجاهدين ﴿رَبُّهُمْ﴾ سبحانه وتعالى ﴿بِرَحْمَةٍ مِنْهُ﴾ تعالى، أي: بمنفعة خالصة دائمة، مقرونة بالتعظيم من قبل الله تعالى، جزاء على إيمانهم الخالص ﴿و﴾ بـ ﴿رضوان﴾ كامل لا يشوبه سخط على جهادهم الذي فيه بذل الأنفس والأموال ﴿و﴾ بـ ﴿جناتٍ﴾؛ أي: بساتين ﴿لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ﴾؛ أي: دائم في مقابلة هجرتهم.


الصفحة التالية
Icon