كالأعمام وأبنائهم، وقرأ الجمهور (١): ﴿وَعَشِيرَتُكُمْ﴾ بالإفراد بغير ألف. وقرأ أبو بكر عن عاصم، وأبو رجاء وأبو عبد الرحمن: ﴿وعشائركم﴾ بالألف على الجمع ﴿وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا﴾؛ أي: اكتسبتموها ﴿وَتِجَارَةٌ﴾؛ أي: أمتعة اشتريتموها للتجارة والربح ﴿تَخْشَوْنَ﴾ كسادها؛ أي: عدم رواجها وربحها بفراقكم لها ﴿وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا﴾؛ أي: منازل تحبون الإقامة فيها ﴿أَحَبَّ إِلَيْكُمْ﴾؛ أي: أعجب عندكم ﴿مِنَ﴾ طاعة ﴿الله﴾ والهجرة إلى ﴿وَرَسُولِهِ﴾ - ﷺ -، بالحبِّ الاختياري والقراء على (٢) نصب ﴿أحبَّ﴾؛ لأنه خبر ﴿كان﴾ وكان الحجاج بن يوسف يقرأ: ﴿أحبُّ﴾ بالرفع ولحنه يحيى بن يعمر، وتلحينه إياه ليس من جهة العربية، وإنما هو لمخالفة إجماع القراء النقلة، وإلا فهو جائز في علم العربية على أن يضمر في ﴿كان﴾ ضمير الشأن. ويلزم ما بعدها بالابتداء والخبر، وتكون الجملة في موضع نصب على أنها خبر ﴿كان﴾ ﴿و﴾ من ﴿جهادٍ في سبيله﴾؛ أي: في طاعته ﴿فَتَرَبَّصُوا﴾؛ أي: فانتظروا عذاب الله، مقيمين بمكة ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿بِأَمْرِهِ﴾ أي: بقضائه فيكم وهو عقوبته التي تحل بكم عاجلًا أو آجلًا، وهذا أمر تهديد وتخويف، وقال مجاهد ومقاتل: بفتح مكة، وفيه بُعد، فقد روي أن هذه السورة نزلت بعد الفتح، ﴿وَاللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾؛ أي: لا يرشد القوم الخارجين عن طاعته إلى طريق الضلال، وفي هذا دليلٌ على أنه إذا وقع تعارض بين مصالح الدين ومصالح الدنيا.. وجب على المسلم ترجيح مصالح الدين على مصالح الدنيا، ليبقى الدين سليمًا.
ومعنى الآية (٣): قل لهم يا محمَّد: وإن كنتم تفضلون حظوظ الدنيا وشهواتها، من الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال، والتجارة على حب الله ورسوله، والجهاد في سبيله الذي وعدتم عليه أنواع السعادة الأبدية في الآخرة.. فانتظروا حتى يأتي أمر الله؛ أي: عقوبته التي تحل بكم عاجلًا أو آجلًا.

(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon