بالعمرة، وفي "المصباح": عمرت الدار عمرًا، من باب قتل، بنيتها والاسم العِمارة بالكسر، اهـ وفي "المختار": وعمرت الخراب عمرًا، من باب كتب فهو عامر؛ أي: معمور، اهـ.
﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ السقاية: الموضع الذي يسقى فيه الماء في المواسم وغيرها، ولكن المراد بها هنا المصدر؛ أي: إسقاء الحجاج، وإعطاء الماء لهم، وسقاية العباس موضع بالمسجد الحرام، يستقي فيه الناس، وهو حجرة كبيرة في جهة الجنوب من بئر زمزم، لا تزال ماثلة إلى الآن، ولكن جعلها السعوديون الآن تحت الأرض، وقد يراد (١) بالسقاية الحرفة، كالحجابة، وهي سدانة البيت، والسقاية والحجابة أفضل مآثر قريش، وقد أقرَّهما الإسلام وفي الحديث "كل مأثرة من مآثر الجاهلية تحت قدمي إلا سقاية الحاج وسدانة البيت" وقد كانت قريش تسقي الزبيب المنبوذ في الماء، وكان يليها العباس بن عبد المطلب في الجاهلية والإسلام وفي "السمين" قوله ﴿سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ﴾ الجمهور على قرائتهما مصدرين، على فعالة بكسر الفاء، كالصيانة والوقاية والتجارة، ولم تقلب الياء لتحصنها بتاء التأنيث، بخلاف رداءة وعباءة لطرو تاء التأنيث فيهما، وحينئذٍ فلا بد من حذف مضاف، إما من الأول، تقديره: أجعلتم أهل سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، كمن آمن بالله، وإما من الثاني، تقديره: أجعلتم السقاية والعمارة كإيمان من آمن، أو كعمل من آمن، كما مر.
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ﴾ و ﴿أَعْظَمُ﴾ (٢): اسم تفضيل يجوز أن يبقى هنا على بابه من التفضيل، ويكون ذلك على تقدير: اعتقاد المشركين بأنَّ في سقايتهم وعمارتهم فضيلةً، فخوطبوا على اعتقادهم، أو يكون التقدير: أعظم درجة من الذين آمنوا ولم يهاجروا، ولم يجاهدوا، وقيل: أعظم ليس على بابه، بل هو كقوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ

(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon