قوله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر أحكام المشركين، في إظهار البراءة من عهودهم، وفي إظهار البراءة منهم في أنفسهم، وفي وجوب مقاتلتهم، وإبعادهم عن المسجد الحرام.. أردف ذلك بحكم قتال أهل الكتاب، وبيان الغاية منه، وفي ذلك توطئةٌ للكلام في غزوة تبوك مع الروم من أهل الكتاب والخروج إليها في زمن العسرة والقيظ - شدة الحر - وما يتعلق بها من فضيحة المنافقين وهتك حجب كفرهم، وتمحيص المؤمنين، وإن كان النبي - ﷺ - لم يقاتل فيها الروم، لما سيأتي.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لمَّا ذكر (١) في الآيات السابقة أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر على الوجه الصحيح.. أردف ذلك بشرح المجمل في هذه الآيات، فنقل عنهم، أنهم أثبتوا لله ابنًا، وهذا بمنزلة الشرك بالله، فإن طرق الشرك مختلفة، وأنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا، يحرمون ويحللون، وأنهم يسعون في إبطال الإسلام وإخفاء الدلائل الدالة على صدق رسوله، وصحة دينه.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لمَّا ذكر في الآيات السالفة أن اليهود والنصارى، اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، وأنهم ما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا، فعبدوا غيره من دونه.. أردف ذلك بذكر سيرة جمهرة هؤلاء الرؤساء الدِّينيين في معاملاتهم مع الناس، ليعرف المسلمون حقيقة أحوالهم، والدواعي التي تحملهم على إطفاء نور الله، ببيان أن أكثرهم عباد شهوات وأرباب أهواء، وذوو أطماع وحرص على أموال الناس بالباطل، وأنه ما حملهم على مقاومة الإسلام إلا خوف ضياع تلك اللذات، وفوات تلك

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon