المعروف لنا من ليل ونهار إلى الآن، والمراد بقوله: يوم خلق السموات والأرض الوقت الذي خلقهما فيه باعتبار تمامه، ونهايته في جملته، وهو ستة أيام من أيام التكوين باعتبار تفصيله، وخلق كل منهما وما فيهما، وقال "البيضاوي": والمعنى أن هذا الأمر ثابت في نفس الأمر منذ خلق الله الأجرام والأزمنة اهـ. والمراد بها شهور السنة القمرية التي هي مبنية على سير القمر في المنازل، وهي شهور العرب التي يعتد بها المسلمون في صيامهم ومواقيت حجهم، وأعيادهم وسائر أمورهم وأحكامهم كالعدد ومدة الحمل والرضاع وآجال الدين.
وأيام هذه المشهور (١) ثلاث مئة وخمسة وخمسون يومًا، والسنة الشمسية عبارة عن دور الشمس في الفلك دورةً تامةً، وهي ثلاث مئة وخمسة وستون يومًا وربع يوم، فتنقص السنة الهلالية عن السنة الشمسية عشرة أيام، فبسبب هذا النقصان تدور السنة الهلالية، فيقع الحج والصوم تارة في الشتاء، وتارة في الصيف.
قال المفسرون: وسبب نزول هذه الآية، من أجل النسيء الذي كانت العرب تفعله في الجاهلية، فكان يقع حجهم تارة في وقته، وتارة في المحرم، وتارة في صفر، وتارة في غير ذلك من سائر الشهور، فأعلم الله عَزَّ وَجَلَّ أن عدة شهور سنة المسلمين التي يعتدون به اثنا عشر شهرًا على منازل القمر وسيره فيها، وهو قوله: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ﴾ يعني: في علمه وحكمه اثنا عشر شهرًا اهـ "خازن".
﴿مِنْهَا﴾؛ أي: من تلك الشهور الاثني عشر ﴿أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾؛ أي: محترمةٌ ثلاثةٌ سرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد فرد رجب، كما ورد ذلك في السنة المطهرة، وإنما سميت (٢) حرمًا: لأن العرب في الجاهلية كانت تعظمها وتحرم فيها القتال، حتى إن أحدهم لو لقي قاتل أبيه أو ابنه أو أخيه في هذه

(١) الخازن.
(٢) الخازن.


الصفحة التالية
Icon