أقسام كثيرة، كما أشرنا إليها في مبحث التفسير.
﴿عَرَضًا قَرِيبًا﴾ والعرض بفتحتين: ما يعرض لك من متاع الدنيا ومنافعها، مما لا ثبات له ولا بقاء، وليس في الوصول إليه كبير عناء ﴿وَسَفَرًا قَاصِدًا﴾ ويقال: سير قاصد، وسفر قاصد؛ أي: هين لا مشقة فيه، من القصد وهو الاعتدال ﴿الشُّقَّةُ﴾ والشقة الطريق، لا تقطع إلا بعناء ومشقة، فهي مشتقة من المشقة كما في "السمين" ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ﴾ والعفو: التجاوز عن التقصير، وترك المؤاخذة عليه ﴿وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ إنما أضاف الشك والارتياب إلى القلب؛ لأنه محلّ المعرفة والإيمان، فإذا دخله الشك، كان ذلك نفاقًا اهـ "خازن".
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة والفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الطباق بين يحلون ويحرمون في قوله: ﴿يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا﴾ وبين ﴿الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ في قوله: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ وبين كلمة ﴿اللَّهُ﴾ وكلمة ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ في قوله: ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾ وبين قوله: ﴿خِفَافًا وَثِقَالًا﴾، وبين ﴿الصَّادِقِينَ﴾ و ﴿الْكَاذِبِينَ﴾ في قوله: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾.
ومنها: التكرار في قوله ﴿كَافَّةً﴾ وفي لفظ الجلالة في قوله: ﴿لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ﴾ وفي لفظ ﴿الدُّنْيَا﴾ و ﴿الْآخِرَةِ﴾ في قوله: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ...﴾ إلخ.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ وفي قوله: ﴿أعدوا له عدة﴾ وفي قوله: ﴿اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾.
ومنها: الاستفهام الإنكاري التوبيخي في قوله: ﴿مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ﴾.
ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾؛ أي: أرضيتم بنعيم الدنيا ولذائذها بدل نعيم الآخرة.