﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ وقال: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ﴾.
وقد اتفق (١) العلماء جميعًا، ماديهم وروحيهم على أن الأرض وجميع الأجرام السماوية، قد وجدت بعد أن لم تكن، وإن كانوا لا يزالون يبحثون عن كيفية تلك النشأة والقوة المتصرفة في أصل مادتها، وهم جميعًا متفقون على توقع خراب هذه الأرض والكواكب المرتبطة بها في هذا النظام الشمسي الجامع لها، بأن تصيب الأرض قارعة من الأجرام السماوية تبسها بسًّا، فتكون هباءً منبثًا. وهَا هُوَذَا، قد حمل البدء بالفعل، والإعادة أهون من البدء، فمن قدر على البدء يكون أقدر على الإعادة، كما قال في سورة الروم: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾.
وقرأ (٢) عبد الله، وأبو جعفر والأعمش وسهل بن شعيب ويزيد بن القعقاع: ﴿أنه يبدأ الخلق﴾ بفتح الهمزة. قال الزمخشري: هو منصوب بالفعل الذي نصب ﴿وعد الله﴾، والتقدير: وعد الله تعالى بدأ الخلق، ثم إعادته والمعنى: إعادة الخلق بعد بدئه، ﴿وعد الله﴾ على لفظ الفعل، ويجوز أن يكون مرفوعًا بما نصب حقًّا؛ أي: حق حقًّا بدء الخلق ثم إعادته كقوله:
أَحَقًّا عِبَادَ اللهِ أَنْ لَسْتُ جَائِيَا | وَلاَ ذَاهِبًا إلَّا عَلَيَّ رَقِيْبُ |
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ باللهِ ورسوله محمَّد، - ﷺ -، وبالقرآن ﴿لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ﴾؛ أي: من ماء حار قد انتهى حره ﴿وَعَذَابٌ أَلِيمٌ﴾؛ أي: وجيع يبلغ وجعه إلى قلوبهم ﴿بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾؛ أي: بسبب كفرهم بالله ورسوله؛ أي: إن
(٢) البحر المحيط.