محذوف، تقديره ذلك البغي متاع الحياة الدنيا. وقال النحاس: على قراءة الرفع، يكون بغيكم مرتفعًا بالابتداء، وخبره متاع الحياة الدنيا، وعلى أنفسكم مفعول البغي. ويجوز أن يكون خبره على أنفسكم، ويضمر مبتدأ؛ أي: ذلك متاع الحياة الدنيا، أو هو متاع الحياة الدنيا، انتهى. والمعنى على الأول: إن بغي هذا الجنس الإنساني، بعضه على بعض هو سريع الزوال، قريب الاضمحلال، كسائر أمتعة الحياة الدنيا فإنها ذاهبة عن قرب متلاشية بسرعة ليس لذلك كثير فائدة، ولا عظيم جدوى. وعلى الثاني، أن ما يقع من البغي على الغير، هو بغي على نفس الباغي، باعتبار ما يؤول إليه الأمر من الانتقام منه، مجازاة على بغيه. وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن. وحفص وأبان عن عاصم وزيد بن علي وابن أبي إسحاق وهارون عن ابن كثير: بنصب الـ ﴿متاع﴾ على أنه مصدر لفعل محذوف، تقديره: تمتعون متاع الحياة الدنيا كما مر. وقرأ أبو المتوكل واليزيدي في اختياره وهارون العتكي عن عاصم: ﴿متاع الحياة الدنيا﴾ بكسر العين على أنه صفة ﴿لأنفسكم﴾ ولكنه على تقدير مضاف، تقديره: ذوات متاع الحياة الدنيا، ذكره أبو البقاء. وقرأ ابن أبي إسحاق أيضًا ﴿متاعا الحياة الدنيا﴾. بنصب متاع، وتنوينه، ونصب الحياة. وقرأت فرقة ﴿فينبئكم﴾ بالياء على الغيبة والمراد الله تعالى.
الإعراب
﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾.
﴿وَلَقَدْ﴾: ﴿الواو﴾: استئنافية. ﴿اللام﴾: موطئة للقسم ﴿قد﴾: حرف تحقيق ﴿أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ﴾: فعل وفاعل ومفعول، والجملة جواب القسم، لا محل لها من الإعراب. ﴿مِنْ قَبْلِكُمْ﴾: جار ومجرور، متعلق (١) بـ ﴿أهلكنا﴾ وليس بحال من القرون؛ لأنه زمان، ذكره أبو البقاء ﴿لَمَّا﴾ ظرف بمعنى حين في محل

(١) العكبري.


الصفحة التالية
Icon