أبي سعيد وطلحة ويعقوب: ﴿والأنصار﴾ برفع الراء، عطفًا على والسابقون. فيكون الأنصار جميعهم، مندرجين في هذا اللفظ، وعلى قراءة الجمهورة: وهي الجر، يكونون قسمين: سابق أول، وغير أول، ويكون المخبر عنهم بالرضا، سابقيهم.
وقرأ ابن كثير: ﴿من تحتها﴾ بإثبات من الجارّة، وهي ثابتة في مصاحف مكة، وباقي السبعة، بإسقاطها على ما رسم في مصاحفهم. وعن عمر بن الخطاب، أنه كان يرى ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾ بغير واو صفة للأنصار، حتى قال له زيد بن ثابت: إنها بالواو، فقال: ائتوني بأُبَيّ، فقال: تصديق ذلك في كتاب الله، في أول الجمعة، ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ وأوسط الحشر، ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ وآخر الأنفال، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ﴾. وروي أنه سمع رجلًا يقرؤه بالواو، فقال: من أقرأك، فقال: أبي، فدعاه، فقال: أقرأنيه رسولُ الله - ﷺ - ومن ثم قال عمر: لقد كنت أرانا وُفِّقْنَا وقْعة لا يبْلُغُها أحدٌ بعدنا.
١٠١ - وبعد أن بين الله سبحانه وتعالى، كمال إيمان تلك الطبقات الثلاث، ورضاه عنهم، بين حال منافقي أهل المدينة ومن حولها، فقال: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ﴾ أيها المؤمنون، وهو خبر مقدم؛ أي: وممن حول بلدتكم؛ يعني المدينة، أي: وممن هم نازلون حول المدينة وخارجها، قريبًا منكم حال كونهم ﴿مِنَ الْأَعْرَابِ﴾؛ أي: من سكان البوادي أقوام ﴿مُنَافِقُونَ﴾؛ أي: مبطنون بالكفر، مظهرون بالإِسلام. قال البغوي والواحدي: هم من قبائل جهينة ومُزِينة وأشجع وأسلم وغفار، نازلون حول المدينة، وأشعر بقوله: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ﴾ حيث عبر بمن التبعيضية، أن فيهم مؤمنين صادقين، دعا لهم النبي، - ﷺ -، ومدحهم. فقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - ﷺ - قال: "قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأشجع وغفار، موالي الله تعالى ورسوله لا موالي لهم غيره". وعنه أيضًا: أنه - ﷺ - قال: "أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، أما إني لم أقلها، لكن قالها الله تعالى".


الصفحة التالية
Icon