ومنها: التشبيه في قوله: ﴿كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ﴾ والمقصود من (١) هذا التشبيه، كما قاله أبو السعود: بيان كمال سهولة الحشر بالنسبة إليه تعالى، ولو بعد دهر طويل، وإظهار بطلان استبعادهم وإنكارهم له بقولهم: ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ ونحو ذلك، أو بيان تمام الموافقة بين النشأتين في الأشكال والصور، فإن اللبث اليسير يلزمه عدم التبدل والتغير فيكون قوله: ﴿يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾ بيانًا وتقريرًا له؛ لأن التعارف يبعد مع طول العهد، والمراد بالساعة: الزمن القليل، فإنها مثل في غاية القلة وتخصيصها بالنهار؛ لأن ساعاته أعرف حالًا من ساعات الليل.
ومنها: الكناية في قوله: ﴿وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾؛ لأن الاستعجال كناية عن التكذيب. قال الزمخشري: ﴿وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ يعني: تكذبون؛ لأن استعجالهم كان على جهة التكذيب والإنكار.
قلتُ: فجعله من باب الكناية؛ لأنها دلالة الشيء بلازمه، نحو هو طويل النجاد، كنى به عن طول قامته؛ لأن طول نجاده لازم لطول قامته، وهو باب بليغ، اهـ "سمين".
ومنها: الإطناب في قوله: ﴿أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
ومنها: الحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *

(١) الفتوحات.


الصفحة التالية
Icon