فالقرب منه إنما يكون إذا كان القلب مستغرقًا في نور معرفة الله. وفي "الخازن": وأصل الولي، من الولاء، وهو القرب والنصرة، فولي الله، هو الذي يتقرب إلى الله بكل ما افترض الله عليه، ويكون مشتغلًا بالله، مستغرق القلب في نور معرفة جلال الله تعالى ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى﴾ البشرى: مصدر كالرجعى، الخبر السار الذي تنبسط به بشرة الوجه، فتتهلل وتبرق أساريره، وأريد به هنا المبشر به، ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ العزة: الغلبة والقوة والقدرة، فعزة الله هي العزة الكاملة التي تندرج فيها عزة الإلهية والإحياء والإماتة، وعزة البقاء الدائم، ونحو ذلك.
﴿جَمِيعًا﴾ توكيد للعزة، ولم يؤنث بالتاء: لأن فعيلًا يستوى فيه المذكر والمؤنث، لشبهه بالمصادر. ﴿وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ والخرص: الحزر بتقديم الزاي على الراء، والتقدير والتخمين للشيء: الذي لا يجري على قياس من وزن أو كيل، أو ذرع، كخرص الثمر على الشجر، والحب في الزرع، ويستعمل بمعنى الكذب أيضًا؛ لأنه يغلب فيه الحزر والتخمين. وفي "المصباح": خرصت النخل خرصًا - من باب قتل - حزرت ثمره، والاسم الخرص بالكسر، وخرص الكافر خرصًا فهو خارص إذا كذب اهـ. ﴿اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾ الولد، يستعمل فردًا وجمعًا، وقد يجمع على أولاد وولدة وإلدة، بالكسر فيهما. ﴿وسبحان﴾ كلمة تنزيه وتقديس، وتستعمل للتعجب. ﴿مِنْ سُلْطَانٍ﴾ والسلطان: الحجة والبرهان.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات أنواعًا من البلاغة، وضروبًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: المجاز المرسل في قوله: ﴿وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾ المراد بها القلوب، من باب تسمية الحال ﴿القلوب﴾ باسم المحل ﴿الصُّدُورِ﴾ أي: شفاء لما في القلوب من الحقد والحسد والبغض والعقائد الفاسدة.
ومنها: التكرار في قوله: ﴿فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ عطفت الجملة الثانية على


الصفحة التالية
Icon