مخففًا مضارع أنجى. وقرأ أبي وابن السميقع ويزيد البربري: ﴿ننحيك﴾ بالحاء المهملة من التنحية، وحكاها علقمة عن ابن مسعود.
ومعنى ﴿نُنَجِّيكَ﴾ بالجيم، نلقيك على نجوة من الأرض، وذلك أن بني إسرائيل لم يصدقوا أن فرعون غرق، وقالوا هو أعظم شأنًا من ذاك، فألقاه الله على نجوة من الأرض؛ أي: مكان مرتفع من الأرض حتى شاهدوه. وقيل، المعنى: نخرجك مما وقع فيه قومك من الرسوب في قعر البحر، ونجعلك طافيًا ليشاهدوك ميتًا بالغرق. ومعنى: ﴿ننحيك﴾ بالحاء المهملة نطرحك على ناحية من الأرض مما يلي البحر. قال كعب: رماه البحر إلى الساحل كأنه ثور. وقرأ أبو حنيفة ﴿بأبدانك﴾. ورويت عن ابن مسعود أيضًا؛ أي: بدروعك، أو جعل كل جزء من البدن بدنًا كقولهم ثابت مفارقه. واختلف (١) المفسرون في معنى ﴿بِبَدَنِكَ﴾ فقيل معناه: بجسدك بعد سلب الروح، منه قاله مجاهد. وقيل معناه: بدرعك، قاله: صخر، والدرع يسمى بدنًا ومنه قول كعب:

تَرَى الأبْدَانَ فِيْهَا مُسْبَغَاتٌ عَلَى الأَبْطَالِ وَالْيَلَبَ الْحَصِيْنَا
أراد بالأبدان الدروع. وقد ذكرنا أنه كان له درع من ذهب فعرف بدرعه.
وقيل: نلقيك عريانًا قاله: الزجاج. وقيل: ننجيك وحدك، قاله ابن قتيبة، ورجح القول بأن المراد بالبدن هنا، الجسد.
وقرأ ابن مسعود (٢) وابن السميقع ﴿بندائك﴾ مكان ببدنك؛ أي: بدعائك بقولك: آمنت إلى آخره، لنجعلك آية مع ندائك الذي لا ينفع أو بما ناديت به في قومك كما حكاه عنه سبحانه ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ﴾ ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤)﴾ ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾. والمراد (٣) بالآية في قوله: ﴿لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾ العلامة؛ أي: لتكون لمن خلفك، وبعدك من الناس، علامة يعرفون بها هلاكك، وأنك لست كما تدعي، ويندفع عنهم الشك
(١) زاد المسير والشوكاني.
(٢) البحر المحيط.
(٣) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon