هذه الآية، والحديث قد أخرجه مسلم والنسائي وأحمد وابن جرير والبيهقي وابن أبي حاتم.
وأنزل (١) في أبي طالب ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ الآية، وظاهر هذا أن الآية نزلت بمكة.
وأخرج الترمذي وحسنه، والحاكم عن علي قال: سمعت رجلًا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت له أتستغفر لأبويك وهما مشركان، فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك. فذكرت ذلك لرسول الله، - ﷺ -، فنزلت: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾. وأخرج الحاكم والبيهقي: في "الدلائل" وغيرهما عن ابن مسعود، قال: خرج رسول الله، - ﷺ -، يومًا إلى المقابر، فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلًا، ثم بكى فبكيت لبكائه، فقال: إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي، وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي، فأنزل الله ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ قال الحافظ (٢) ابن حجر: يحتمل أن يكون لنزول الآية أسباب، متقدم هو أمر أبي طالب، ومتأخر وهو أمر آمنة، وقصة علي، وجمع غيره بتعدد النزول قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ﴾ مناسبة هذه الآية لما قبلها، أنه تعالى لما بالغ في وجوب الانقطاع عن المشركين الأحياء والأموات، بين أن هذا الحكم، غير مختص بدين محمَّد، - ﷺ -، بل هو مشروع أيضًا، في دين إبراهيم عليه السلام، فتكون المبالغة في وجوب الانقطاع، أكمل وأقوى، اهـ كرخى.
قوله تعالى: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾ إلى قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ سبب نزولها: ما أخرجه البخاري وغيره، عن كعب بن مالك قال: لم أتخلف عن النبي، - ﷺ - في غزوة غزاها، إلا بدرًا، حتى كانت غزوة تبوك، وهي آخر غزوة غزاها، وآذن الناس بالرحيل، فذكر الحديث بطوله، وفيه فأنزل الله توبتنا. ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾
(٢) لباب النقول.