﴿يَا بُنَيَّ﴾ أصله بثلاث ياءات الأولى: ياء التصغير، والثانية: لاَمُ الكلمة، وأصلُها واو عند قوم، وياءٌ عند آخرين، والياءُ الثالثةِ ياء المتكلم، ولكنَّها حذفت لدلالة الكسرة عليها فرارًا من توالي الياءين، ولأنَّ النداءَ موضع تخفيف، وقيل: حذفت من اللفظ لالتقائها مع الراء في ﴿ارْكَبْ﴾ ويقرأ بالفتح، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه أبْدلَ الكسرةَ فتحةً فانقلبت ياءُ الإضافة ألِفًا، ثُمَّ حذفت الألِفُ كما حُذفت الياءُ مع الكسرة؛ لأنها أصلُها.
والثاني: أنَّ الألِفَ حذفت من اللفظ لالتقاء الساكنين ﴿وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ﴾ والموج جمع موجة، وهي ما ارتفعَ عن جملة الماء الكثير عند اشتداد الريح، وشبهها بالجبال المرتفعة على الأرض ﴿وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي﴾ يقال: بَلَعَ الماءَ يبلعه مثل مَنَعَ يمنَع وبلع يَبلَع مثل حَمِدَ يَحْمَدَ لغتان؛ حكاهما الكسائِي، والفراء، والبَلَعُ الشرب، ومنه البَالُوعَةُ: وهي الموضع الذي يُشْرَب منه الماء، وبئر ضيِّقُ الرأس، يجري إليها مَاءُ الغُسَالة ﴿وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي﴾ الإقلاع الإمساك، يقال: أقلع المطر إذا انقطع، ومنه أقْلَعَت الحُمَّى، وقيل: أقلع عن الشيء إذا تركه، وهو قريب من الأوّل ﴿وَغِيضَ الْمَاءُ﴾؛ أي: نقص يقال: غاض الماء وغضته، وهو هنا مبنيٌّ للمجهول إذ يستعمل لازمًا ومتعديًا، وعبارة "السمين": الغَيْضُ: النقصانُ، وفعله لازمٌ ومتعد، فمن اللازم قوله تعالى: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ﴾؛ أي: تَنْقُص، وقيل: بل هو هنا متعدٍ أيضًا؛ لأنه لا يبنى للمفعول من غير واسطة حرف جر إلا المتعدي بنفسه، اهـ "سمين". وفي "المختار": غاض الماء إذا قَلَّ ونَضَبَ؛ أي: ذَهَب في الأرض، وبابه بَاعَ وانغَاضَ مثله وغيضَ الماء: فعِل به ذلك، وغَاضَ الله يتعدَّى وَيلْزَمُ، وأغَاضَه الله أيضًا، وغيض الماء تَغْيِيضًا نَقَصه، وحبَسَه ويقال: غَاض الكرام؛ أي: قلوا، وفَاضَ اللئَامُ؛ أي: كَثُرُوا، اهـ. ﴿وَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾؛ أي: أحكم، وفرغ منه يعني أهلك قومُ نوح علَى تَمَامِ، وإحكام اهـ "قرطبي" ﴿بُعْدًا﴾ يقال: بَعِدَ بكسر العين بُعْدًا بضم فسكون، وبَعَدًا بفتحتين: إذا بَعُدَ بُعْدًا بعيدًا بحيث لا يُرجى عوده، اهـ "بيضاوي".
﴿فَلَا تَسْأَلْنِ﴾ يقرأ بتشديد النون مع فتح اللام قبلَها، فالنون المشددة للتوكيد،