أسباب النزول
وسبب نزول هذه السورة (١): أنَّ كفار مَكَّةَ أمرَتْهم اليهودُ أن يسألوا رسولَ الله - ﷺ - عن السبب الذي أحل بني إسرائيل بمصر، فنَزَلَت هذه السورة. وقيل: سببه تسليةُ الرسول - ﷺ - عما كَانَ يفعلُ به قومُهُ بما فعل أخوة يوسف به، وقيل: سألت اليهودُ رسولَ الله - ﷺ - أنْ يحدِّثَهم أمْرَ يعقوب، وولده وشَأْنَ يوسف.
وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في سبب نزول هذه السورة قولان:
أحدهما: ما روي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: لمَّا أنزل الله القرآن على رسول الله - ﷺ - تلاه عليهم زمانًا، فقالوا: يا رسول الله، لو حدَّثتنا، فأنزل الله عز وجل: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾، فقالوا: لو قصصت علينا، فأنزل الله: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١)﴾ إلى قوله: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾.
القول الثاني: ما رواه الضحاك عن ابن عباس قال: سألت اليهودُ النبيَّ - ﷺ - فقالوا: حَدّثْنَا عن أمر يعقوب وولده، وشأنِ يوسف، فأنزل الله عز وجل: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١)﴾ الآيات الكريمة.
الناسخ والمنسوخ: قال ابن حزم رحمه الله: أمَّا سورةُ يوسف، فليس فيها ناسخ ولا منسوخ. ومن فضائلها: ما رُوي (٢) عن أُبيِّ بن كعب رضي الله عنه عن رسول الله - ﷺ - أنه قال: "عَلِّمُوا أَرِقَّائِكم سورة يوسف، فإنه أيُّما مسلم أَمْلاها، وعَلَّمها أَهْله، وما مَلَكَتْ يمينه هون اللَّهُ عليه سكرات الموت، وأعطاه القُوَّة، وأن لا يَحْسُدَ مُسْلِمًا". كذا في "تفسير البيان"، وذلك أنَّ يوسُفَ عليه السلام ابتُلِي بحسد الإخوة، وشدائد البئر، والسجن، فأرسل اللَّهُ تعالى جبريل فسلاه، وهون عليه تلك الشدائِدَ بإيصاله إلى مقام الأُنس، والحضورِ، ثم أعطاه القوةَ، والعزةَ،
(٢) روح البيان.