يديه، ولا من خلفه، آتيًا من ربك، وخالقِك الذي يربيك بما تكملُ به فطرتُك، ويُوصِلُك إلى سعادَتِك في دنياك، وآخرَتِك، وقرأ الجمهور (١): ﴿في مِرية﴾ بكسر الميم، وهي لغة الحجاز، وقرأ السلمي، وأبو رجاء، وأبو الخطاب السدوسي، والحسن بضمها، وهي: لغة أسد، وتميم.
﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ بذلك مع وجوب الإيمان به، وظهور الدلائل الموجبة له، ولكنهم يعاندون مع علمهم بكونه حقًّا، أو قد طبع على قلوبهم، فلا يفهمون أنه الحقّ أصلًا.
أي: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ هذا الإيمانَ الكامِل، أمَّا المشركون منهم، فلاستكبار زُعمائهم، ورؤسائهم وتقليد مرؤوسيهم، وعامتهم لهم وأما أهل الكتاب.. فلتحريفِهم دينَ أنبيائهم، وابتداعهم فيه.
الإعراب
﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾.
﴿وَمَا﴾ ﴿الواو﴾ استئنافية، ﴿مَا﴾ نافية ﴿مِن﴾ زائدة ﴿دَابَّةٍ﴾ مبتدأ أول ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ جار ومجرور صفة لـ ﴿دَابَّةٍ﴾، ﴿إِلَّا﴾ أداة استثناء مفرغ ﴿عَلَى اللَّهِ﴾ جار ومجرور خبر مقدم ﴿رِزْقُهَا﴾ مبتدأ ثان مؤخر، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر للأول، والجملة من المبتدأ الأول، وخبره مستأنفة ﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا﴾ فعل ومفعول ﴿وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ معطوف عليه وفاعله ضمير يعود على ﴿اللَّهِ﴾ والجملة الفعلية في محل الرفع معطوفة على جملة المبتدأ الثاني على كونَها خبرًا للأول، ﴿كُلٌّ﴾ مبتدأ، وسوَّغ الابتداء بالنكرة نِيَّةُ الإضافة فيه، والمضاف إليه محذوف، تقديره: كل ما ذكر من الدابة، ورزقها، ومستقرها، ومستودعها ﴿فِي كِتَابٍ﴾ خبر المبتدأ ﴿مُبِينٍ﴾ صفة لـ ﴿كِتَابٍ﴾، والجملة الاسمية مستأنفة مقررة لما قبلها.

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon