الرَّتْع هو الاتساع في الملاذِّ ﴿وَيَلْعَبْ﴾ بالاستباق، والانتضال تمرينًا لقتال الأعداءِ وبالإقدام على المباحات، لأجل انشراح الصدر لا للهو، وإنما سموه لعبًا لكونه على صُورته. قال (١) أبو الليث: لم يريدوا به اللعبَ الذي هو منهي عنه، وإنما أرادوا به المطايبة في المزاج في غير مأثم. وفيه دليل على أنه لا بأس بالمطايبة والتفرج. ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ من أَنْ يَنَالَهُ مكروه؛ أي: نجتهد في حفظه غَايَةَ الاجتهاد حَتَّى نرده إليك سالمًا.
والمعنى (٢): أي أرسله مَعَنَا غَدَاةَ غدٍ حين نخرج كعادتنا إلى المَرْعَى في الصحراء، يشاركنا في الرياضة والأنس والسرور، وأكل الفواكه، والبقول، وغيرهما مما يَطِيبُ، وقد كان أكثر لعب أهل البادية السباقَ، والصراعَ والرَّمْىَ بالعصا، والسهام إن وجدت، وإنا لحافظوه من كل أذى يُصيبه. وقرأ (٣) الجمهور: ﴿يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ﴾ بالياء والجزم. وابن عامر، وابن كثير، وأبو عمرو بالنون، والجزم وكسر العين الحرميان، نافع وابن كثير. واختلف عن قنبل في إثبات الياء وحَذفِها. وروي عن ابن كثير: ﴿ويلعب﴾ بالياء وهي قراءةُ جعفر بن محمَّد. وقرأ العلاء بن سيابة: ﴿يرتع﴾ بالياء، وكسر العين مجزومًا محذوفَ اللام ﴿وَيَلْعَبْ﴾ بالياء، وضمَّ الباء خَبرَ مبتدأ محذوف؛ أي: وهو يلعبُ. وقرأ مجاهد، وقتادة، وابنُ مُحَيْصِن بنون مضمومة مأخوذ من أرتعنا، ﴿ونَلْعَب﴾ بالنون وكذلك أبو رجاء إلا أنه بالياء فيهما ﴿يرتع ويلعب﴾ والقراءتان على حذف المفعول أي يرتع المواشي شيء أو غيرها، وقرأ النخعي ﴿نرتع﴾ بنون ﴿ويلعب﴾. بياء بإسنادِ اللعب إلى يوسف وحدَه لصباه، وكذلك جاء عن أبي إسحاق ويعقوب. وكل هذه القراءات الفعلان فِيهَا مبنيان للفاعل. وقرأ زيد بن علي: ﴿يُرْتَع ويُلْعَب﴾ بضم الياءين مبنيًّا للمفعول، ويخرِّجها على أنه أضمر المفعول الذي لم يُسَمَّ فاعله، وهو ضمير غَدٍ، وكان أصله يرتع فيه، ويلْعَبُ فيه، ثم حذفَ واتسعَ فعُدِّيَ الفِعْلُ للضمير، فكان التقدير: يرتَعُهُ ويلعَبُهُ، ثمّ بَنَاهُ للمفعول فاستكن الضمير الذي كَانَ
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.