ويعدون ما دونها. فعن ابن عباس: أنها كانت عشرين درهمًا. وعن السدي: اثنين وعشرين درهمًا. وقال عكرمة: كانت أربعين درهمًا.
﴿وَكَانُوا﴾؛ أي: البائعون ﴿فِيهِ﴾؛ أي: في يُوسفَ ﴿مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾؛ أي: مِمَّنْ يرغب ويعرض عما في يده، فيبيعه بما طفَّ ونَقُصَ من الثمن؛ لأنهم التقطوه، والملتقط للشيء متهاون به، لا يبالي بما باعه، ولأنه يخاف أن يَظْهَرَ له مستحق فينزعه من يده، فيبيعه من أول مساوم بأوكس ثَمن وأرخصه. وأصل (١) الزهد: قِلَّةُ الرغبةِ، يقال: زَهِدَ فلان في كذا، إذا لم يكن له فيه رغبةٌ. والضمير في قوله: ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ إن قلنا: إنه يرجع إلى إخوة يوسف كان وجه زهدهم فيه أنهم حسدوه، وأرادوا إبعاده عنهم، ولم يكن قصدهم تحصيل الثمن، وإن قلنا: إن قوله: ﴿وَشَرَوْهُ﴾ ﴿وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ يرجع إلى معنى واحد، وهو: أن الذين شَرَوْه كانوا فيه من الزاهدين، كان وجه زهدهم فيه: إظهار قلة الرغبة فيه، ليشتروه بثمن بخس قليل. ويحتمل أن يقالَ: إنَّ إخْوَتَهُ لما قالوا: إنه عبدنا، وقد أبق، أظْهَرَ المشترِي قِلَّةَ الرغبة فيه لهذا السبب.
قال أصحاب الأخبار (٢): ثمَّ إن مالك بن ذعر وأصحابَه لما اشتروا يُوسُفَ انطلقوا به إلى مصر، وتبعهم إخوته يقولون: استوثقوا منه، لا يأبق منكم، فذهبوا به حتى قدموا مصر. قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما دخلوا مصرَ لقِيَ قِطْفِيرٌ - صاحب أمر الملك -، وكان على خزائن مِصرَ مالِكَ بن ذعر فاشترى يوسُفَ منه بعشرين دينارًا، وزوج نعل، وثوبين أبيضين.
وقال وهب بن منبه: قَدِمَتِ السيارة بيوسف مِصْرَ، ودخلوا به السوقَ يُعرضونه للبيع، فترافع الناس في ثمنه حتى بلغ ثمنه وزنه ذهبًا، ووزنه فضة، ووزنه مِسْكًا وحَرِيرًا. وكان وزنه أربع مئة رطل. وكان عمره يومئذ ثلاث عَشَرةَ سنةً، أو سبع عشرة سنة. فابتاعه قطفير - وكان يسمَّى العزيز - بهذا الثمن، كما قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ﴾.
(٢) الخازن.