الباءُ ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلَها، ثم حذفت الألف، وعوَّض عنها تاءُ التأنيث، وفُتحت للدلالة على أنَّ أصلَها الألف المنقلبة عن الياء. قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جاز لُحوقُ تاء التأنيث بالمذكر؟
قلت: كما جاز نحو قولك: حَمامَةٌ ذكر وشاة ذكرٌ ورجل رَبْعَةٌ وغلام يفعة. قلت: يعني أنها جيء بها لمجرد تأنيث اللفظ كما في الألفاظ المستشهد بها، ثم قال الزمخشري. فإن قلت: فلم ساغ تعويض تاء التأنيث من ياء الإضافة؟
قلت: لأن التأنيثَ والإضافةَ يتناسبان في أن كلَّ واحد منهما زيادةٌ مضمومةٌ إلى الاسم في آخره.
قلت: وهذا قياس بعيد لا يعمل به عند الحذاق، فإنه يسمى الشبهَ الطَّرْدِيَّ في يعني أنه شَبهٌ في الصورة، اهـ "سمين". ﴿لِي سَاجِدِينَ﴾ والسجودُ هنا: منْ سَجْدَ البعير إذا خَفضَ رَأْسَهُ لراكبه حين ركوبه، وكان من عادة الناس في تحية التعظيم بفِلَسْطين، ومصر، وغيرهما، الانحناء مُبَالغَةً في الخضوع والتعظيم، وقدِ استعمله القرآن في انقياد كل المخلوقات لإرادة الله، وتسخيره، ولا يكون السجود عِبَادةً إلا بالقصد، والنية للتقرب إلى من يعتقد أنَّ له عليه سُلْطانًا غَيْبِيًّا فوق سلطان الأسباب المعهودة. ﴿رُؤْيَاكَ﴾ الرؤيا مصدر رَئِيَ في المنام رؤيا على وزن فعلى، كالسقيَا والبشرى، وألفه للتأنيث، ولذلك لم يصرف. ﴿فَيَكِيدُوا لَكَ﴾ يقال: كاد له الأمر إذا دبَّر الكَيْدَ لأجله لمضرته، أو لمنفعته كما قال ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾. وفي "الفتوحات" قوله: ﴿فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ كاد يَتَعدَّى بنفسه كما في قوله: ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا﴾ وعدي هنا باللام لتضمُّنِه معنَى فعل يتعدى باللام، ولذا قال الشارح: يحتالوا في هلاك. قال الزمخشري: فإن قلت: هلا قال: فيكيدوك كما قال: فكيدوني جميعًا؟
قلت: ضُمِّنَ معنى فعل يتعدى باللام؛ ليفيدَ معنى فعل الكيد مع إفادة معنى الفعل المضمن، فيكون أفيد، وأبلغ، في التخويف، وذلك نحو: فيحتالوا لك، ألا ترى إلى تأكيده بالمصدر، و ﴿كَيْدًا﴾ مفعول به أي يصنعوا لك كيدًا أي أمرًا يكيدونك به، اهـ "سمين".
﴿عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾؛ أي: بَين العداوةَ وظاهرها فهو من أبان اللازم. {وَكَذَلِكَ


الصفحة التالية
Icon