بيوسف، وهوَّنْتمُوه في أنفسكم وأعينكم. ﴿فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ﴾، والوارد: الذي يَرِدُ الماءَ، ليستَقِي للقوم. ﴿فَأَدْلَى دَلْوَهُ﴾ في "المختار" الدَّلْو: الذي يُسْتَقى بها، ودَلَى الدلو إذا نَزَعها، وبابه عَدَا وأدلاها أرسلها في البئر. وفي "القاموس": ودَلَوْتُ الدَّلْوَ ودليتها أرسلتها في البئر، ودلَّاها جَذَبَها لِيُخرِجَها، والدلو مؤنث، وقد يذكر، اهـ. ويصَغَّر على دلية ويجمع على أدل ودلاءً ودُلًى. ﴿وَأَسَرُّوهُ﴾؛ أي: أخْفَوْه من الناس ﴿بِضَاعَةً﴾ والبضاعة: القِطْعَةُ من المال يفْرز للاتجار به من بَضَعْتُه إذا قَطَعْتُه، ومنه المَبْضَعُ. ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ وشُري الشيء: إذا باعَهُ واشتراه إذا ابْتَاعَهُ. والبَخْسُ: النَّاقِصُ والمَعيب كما قال: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾ والمراد هنا: الحرامُ أو الظلمُ لأنه بيع حر.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإشارة بالبعيد إلى القريب في قوله: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ تنزيلًا لبعد مرتبته في الكمال، وعُلو شأنه مَنْزِلَةَ البُعْدِ الحسّيِّ. ومنها: الاستعارة في قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وقال في (١) "بحر العلوم": لعلَّ مُستعار لمعنى الإرادة لملاحظة العرب معنى الإرادة، أو الترجي في لَعَلَّ؛ أي: أنزلناه قرآنًا عربيًّا، إرَادَةَ أن تَعْقِلَه العربُ، ويفهموا منه ما يَدْعُوهم إليه، فلا يكون لهم حُجَّةً على الله، ولا يقولوا لنبيهم ما خُوطبنا به.
ومنا: جناسُ الاشتقاق في قوله: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾.
ومنها: التعبيرُ عن عدم العلم بالغفلة في قوله: ﴿لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ لإجلال شأنه عليه السلام كما في "الإرشاد" فليست هي الغفلة المتعارفة بين الناس.
ومنها: عَطْفُ الخاصِ على العام في قوله: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ لإظهار