منقطعة تقدر ببل وبهمزة الاستفهام الإنكاري؛ أي: بل (١) أهل تستوي الظلمات التي لا ترى فيها الطريق، فتسلك ﴿وَالنُّورُ﴾ الذي يبصر به الأشياء ويجلو ضوؤه الظلام؟ لا شك أن الجواب عن ذلك أنهما لا يستويان، فكذلك الكفر باللهِ صاحبه منه في حيرة يضرب أبدًا في غمرة لا يهتدي إلى حقيقة، ولا يصل إلى صواب، والإيمان باللهِ صاحبه منه في ضياء، فهو يعمل على علم بربه ومعرفة منه بأنه يثيبه على إحسانه ويعاقبه على إساءته، ويرزقه من حيث لا يحتسب ويكلؤه بعنايته في كل وقت وحين، فهو يفوض أمره إليه إذا أظلمت الخطوب وتعددت في نظره مدلهمات الحوادث. والكلام (٢) على التشبيه أيضًا؛ أي: فكما لا تستوي الظلمات والنور، كذلك لا يستوي الشرك والإنكار، والتوحيد والمعرفة، ووحد النور وجمع الظلمة؛ لأن طريق الحق واحد والباطل طرقه كثيرة، كشرك اليهود وشرك النصارى وشرك عبدة الأوثان وشرك المجوس وغيرها بخلاف التوحيد. وقرأ (٣) الأخوان حمزة والكنسائي وأبو بكر: ﴿أم هل يستوي﴾ - بالياء - والجمهور: ﴿تستوي﴾ بالتاء الفوقية. و ﴿أَمْ﴾ في قوله: ﴿أَمْ هَلْ﴾ منقطعة تتقدر بـ ﴿بل﴾ والهمزة على المختار، والتقدير: بل أهل تستوي، و ﴿هَلْ﴾ وإن نابت عن همزة الاستفهام في كثير من المواضع، فقد جامعتها في قول الشاعر:
أهْلٌ رَأوْنَا بِوَادِيْ | الفَقْرِ ذِيْ الأكَمِ |
و ﴿أَمْ﴾ في قوله: ﴿أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ﴾ منقطعة بمعنى بل وهمزة الإنكار.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.