قوله: "وأن يُنْسَأ له في أثره" الأثر هنا: الأجل، وسمي الأجل أثرًا؛ لأنه تابع للحياة وسابقها، ومعنى ينسأ: يؤخر، والمراد به تأخير الأجل، وهو على وجهين:
أحدهما: أن يبارك الله له في عمره، فكأنما قد زاد فيه.
والثاني: أن يزيده في عمره زيادة حقيقية، والله يفعل ما يشاء.
وعن جبير بن مطعم أن رسول الله - ﷺ - قال: "لا يدخل الجنة قاطع". متفق عليه. زاد في رواية: قال سفيان: يعني قاطع رحم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "ليس الواصل بالمكافىء، الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها". أخرجه البخاري.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - قال: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، ومثراة في المال، ومنسأة في الأثر". أخرجه الترمذي.
﴿وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾؛ أي: وعيده عمومًا، والخشية (١): خوف مقرون بالتعظيم والعلم بمن تخشاه، ومن ثم خص الله بها العلماء بدينه وشرائعه والعالمين بجلاله وجبروته في قوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾. والمعنى: إنهم يخشون ربهم خشيةً تحملهم على فعل المأمورات واجتناب المنهيات، ويخافونه خوف مهابة وإجلال. ﴿وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾؛ أي: استقصاءه خصوصًا، فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا؛ أي: ويخافون مناقشة ربهم إياهم في الحساب وعدم الصفح لهم عن ذنوبهم، فهم لرهبتهم جادون في طاعته محافظون على اتباع أوامره وترك نواهيه، و ﴿سُوءَ الْحِسَابِ﴾؛ أي: شديده: وهو الاستقصاء فيه والمناقشة للعبد، فمن نوقش الحساب عذب، ومن حق هذه الخيفة أن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يُحاسبوا.
٢٢ - ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا﴾ على ما تكرهه النفوس من أنواع المصائب ومخالفة الهوى من مشاق التكاليف؛ أي: والذين صبروا (٢) على فعل العبادات وعلى ثقل

(١) المراغي.
(٢) المراح.


الصفحة التالية
Icon