﴿إِنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه وتعالى ﴿لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾؛ أي: لا يترك وفاء الوعد الذي وعده لعباده؛ لامتناع الخلف في حقه تعالى؛ لكونه نقصًا منافيًا للألوهية، وكمال الشيء، فما جرى به وعده فهو كائن لا محالة؛ أي: إن الله تعالى منجزك ما وعدك من النصر عليهم؛ لأنه لا يخلف وعده كما قال: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٤٧)﴾. والميعاد (١): بمعنى الوعد كالميلاد والميثاق بمعنى الولادة والتوثقة، والوعد عبارة عن الإخبار بإيصال المنفعة قبل وقوعها.
وقرأ علي وابن عباس قال الزمخشري (٢)، وجماعة من الصحابة والتابعين، وقال غيره: وعكرمة وابن أبي مليكة والجحدري وعلي بن الحسين وابنه زيد وأبو زيد المزني وعلي بن نديمة وعبد الله بن يزيد: ﴿أفلم يتبين﴾ من بينت كذا إذا عرفته وهه قراءة شاذة وليست متواترة، وتدل هذه القراءة الشاذة على أن معنى: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ هنا معنى العلم، كما تظافرت النقول أنها لغة لبعض العرب، وهذه القراءة ليست قراءة تفسير لقوله: ﴿أَفَلَمْ يَيْأَسِ﴾ كما يدل عليه ظاهر كلام الزمخشري، بل هي قراءة مسندة إلى الرسول - ﷺ -. وقرأ مجاهد وابن جبير: ﴿أو يحل﴾ بالياء على الغيبة وهي قراءة شاذة أيضًا، واحتمل أن يكون عائدًا على معنى القارعة، وهو أوضح، راعى فيه التذكير؛ لأنها بمعنى البلاء أو العذاب، أو تكون الهاء في ﴿قَارِعَةٌ﴾ للمبالغة فهو بمعنى قارع، واحتمل أن يكون عائدًا على الرسول - ﷺ -؛ أي: أو يحل الرسول قريبًا. وقرىء شذوذًا أيضًا: ﴿من ديارهم﴾ بالجمع وهي واضحة.
الإعراب
﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (٢٠)﴾.
﴿الَّذِينَ﴾ مع ما عطف عليه: مبتدأ أول، خبره جملة قوله: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾، أو بدل من ﴿أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، أو نعت له، وجملة قوله: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾: مستأنفة. ﴿يُوفُونَ﴾: فعل وفاعل. ﴿بِعَهْدِ اللَّهِ﴾: متعلق به، والجملة صلة

(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon