أي: هو الله المتصف بملك ما فيهما خلقًا وتصرفًا وتدبيرًا.
وفيه (١) إشارة إلى أن سير السائرين إلى الله لا ينتهي بالسير في الصفات وهو العزيز الحميد، وإنما ينتهي بالسير في الذات وهو الله، فالمكونات أفعاله، فمن بقي في أفعاله لا يصل إلى صفاته، ومن بقي في صفاته لا يصل إلى ذاته، ومن وصل إلى ذاته وصولًا بلا اتصال ولا انفصال، بل وصولًا بالخروج من أنانيته إلى هويته تعالى ينتفع به في صفاته وأفعاله، قال الملّا الجامي رحمه الله تعالى:
سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إلا مَا | عَلَّمْتَ وَأَلْهَمْتَ لَنَا إِلْهَامًا |
وجاء في سورة يوسف توبيخًا للغافلين، وحثًّا لهمم المستبصرين: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾ ومع كل هذا فوا أسفًا رأينا كثيرًا من المسلمين الذين تتلى عليهم هذه الآية صباح مساء يكتفون بمجرد تلاوتها والإيمان بها دون بحث ولا تفهم لمغزاها ولا المراد منها، ولا استبصار بما تنطوي عليه من المقاصد والمرامي، ولو كان ذلك كافيًا؛ لكان ذكر الخبز حين الجوع كافيًا في الشبع، والنظر إلى الماء كافيًا في الري.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر (٣): ﴿الله﴾ - بالرفع - على أنه خبر مبتدأ
(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط والشوكاني.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط والشوكاني.