الله بتذكيرهم ﴿بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾؛ أي: بنعم الله سبحانه وتعالى عليهم وعلى من قبلهم ممن آمن بالرسل في الأمم السابقة؛ ليكون في ذلك حافزًا لهم على العمل، ويكون لهم بمن سلف أسوة، وذكرهم وعظهم مخوفًا لهم بتذكيرهم بأس الله وعذابه وانتقامه ممن كذب الرسل من الأمم الغابرة كعاد وثمود؛ ليكون لهم في ذلك مزدجر، وليحذروا أن يحل بهم مثل ما حل بهم.
والمعنى: عظهم بالترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، وأيام الله (١) في جانب موسى عليه السلام، منها ما كان محنة وبلاء، وهي الأيام التي كان فيها بنو إسرائيل تحت قهر فرعون واستعباده، ومنها ما كانت نعمة كإنجائهم من عدوهم وفلق البحر لهم، وإنزاله المنّ والسلوى عليهم.
وفي "تفسير ابن جرير": ﴿بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾؛ أي: بأنواع عقوباته الفائضة، ونعمه الباطنة التي أفاضها على القرون السالفة واللاحقة، فمن أحاط علمه بذلك عظم خوفه اهـ.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾ التذكير بأيام الله، أو في نفس أيام الله ﴿لَآيَاتٍ﴾ عظيمة أو كثيرة؛ أي: لدلائل دالة على وحدانية الله تعالى وقدرته ﴿لِكُلِّ صَبَّارٍ﴾؛ أي: كثير الصبر على المحن والبلايا ﴿شَكُورٍ﴾؛ أي: كثير الشكر على المنح والعطايا؛ لأنه (٢) إذا سمع بما نزل على من قبله من النبلاء وأفيض عليهم من النعماء اعتبر وتنبه لما يجب عليه من الصبر والشكر. اهـ. "بيضاوي". كأنه (٣) قال: لكل مؤمن كامل؛ إذ الإيمان نصفان: نصفه صبر، ونصفه شكر، وتخصيص الآيات بهم؛ لأنهم المنتفعون بها، لا لأنها خافية عن غيرهم، فإن التبيين حاصل بالنسبة إلى الكل، وتقديم الصبر لكون الشكر عاقبته. وعبارة "الكرخي": وتقديم الصبار على الشكور؛ لتقدم متعلق الصبر، أعني: البلاء على متعلق الشكر، أعني: النعماء وكون الشكر عاقبة الصبر. اهـ.
(٢) البيضاوي.
(٣) روح البيان.