لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}. وقال: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ والمعنى حينئذٍ: وفي ذلكم الإنجاء نعمة عظيمة واقعة لكم من ربكم. وقرأ ابن محيصن (١): ﴿وَيَذْبَحُونَ﴾ بالتخفيف مضارع ذبح الثلاثي. وقرأ زيد بن علي كذلك إلا أنه حذف الواو.
٧ - وقوله: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾ من كلام موسى معطوف على ﴿نِعْمَةَ اللَّهِ﴾؛ أي: واذكر يا محمد لقومك قصة إذ قال موسى لقومه: تذكروا إنعام الله عليكم، واذكروا يا بني إسرائيل حين آذنكم ربكم وأعلمكم بوعده إعلامًا بليغًا، فقال: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾؛ أي: وعزتي وجلالي لئن شكرتم ما خولتكم من نعمة الإنجاء وغيرها من النعم بالإيمان الخالص والعمل الصالح بطاعتي فيما آمركم به وأنهاكم عنه.. لأزيدنكم من نعمي عليكم نعمةً إلى نعمة، ولأضاعفن لكم ما آتيتكم. قيل: شكر الموجود صيد المفقود. وقيل: لئن شكرتم بالطاعة لأزيدنكم في الثواب. وأصل الشكر (٢): تصور النعمة وإظهارها، وحقيقته الاعتراف بنعمة المنعم مع تعظيمه، وتوطين النفس على هذه الطريقة.
وقد دلت التجارب أن العضو الذي يناط به عمل، كلما مرن عليه ازداد قوة (٣)، وإذا عطل عن العمل ضمر وضعف، وهكذا النعم إن استعملت فيما خلقت له بقيت، وإن أهملت ذهبت.
أخرج البخاري في "تاريخه": والضياء في "المختارة": عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: "من ألهم خمسة لم يحرم خمسة" وفيها، "من ألهم الشكر لم يحرم الزيادة".
والخلاصة: أن من شكر الله على ما رزقه.. وسع عليه في رزقه، ومن شكره على ما أقدره عليه من طاعته.. زاد في طاعته، ومن شكره على ما أنعم عليه من صحة.. زاده الله صحة إلى نحو أولئك من النعم. ﴿وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ﴾ نعمي وجحدتموها، فلم تقوموا بواجب حقها عليكم من شكر المنعم بها،
(٢) الخازن.
(٣) المراغي.